واما الطعن في الاخبار بضعف السند ، فقد عرفت ان فيها الصحيح باصطلاحهم ، وهي صحيحة محمد بن مسلم وعبد الرحمن المذكورة. واما الطعن بقصور الدلالة ، فهو ضعيف إذ لا أصرح في الدلالة على التحريم من هذه الألفاظ الواردة في هذه الاخبار ، من قولهم في جملة منها : «ان ثمنه سحت». وقوله في رواية أبي بصير : «والأخر لا يحل ثمنه».
واستدل العلامة في المنتهى على إباحة الثلاثة الباقية ـ زيادة على ما تقدم ـ بان لها دية وقيمة لو أتلفت ـ على ما يأتي إنشاء الله ـ والدية تستلزم التملك المستلزم لجواز التصرف.
وفيه : ما ذكره شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ، حيث قال : وربما فهم بعضهم من ثبوت دياتها جواز بيعها ، نظرا إلى أنها أموال محترمة كما في الحيوانات. وفيه : منع ظاهر ، فان ثبوت الديات لها ربما دل على عدم جواز بيعها ، التفاتا الى أن ذلك في مقابلة القيمة ، فإنك تجد كل ماله دية لا قيمة له ، كما في الحر. وماله قيمة لا دية له ، كما في الحيوان المملوك غير الأدمي انتهى ، وهو جيد.
وبالجملة فالظاهر هو الاقتصار على ما دلت عليه الاخبار المذكورة والله العالم.
(السادس) : ظاهر المشهور بين الأصحاب : انه لا بأس ببيع الهرة وحل ثمنها ، وعليه تدل صحيحة محمد بن مسلم وعبد الرحمن المتقدمة (١).
قال في المسالك : واما الهرة فنسب جواز بيعها في التذكرة إلى علمائنا وهو يعطى الاتفاق عليها انتهى.
ونقل في المختلف عن ابن البراج : انه قال : من باع هرة فليتصدق بثمنها ، ولا يتصرف فيه في غير ذلك ، ثم قال : والوجه عدم وجوب ذلك. لنا انها مملوكة فكان الثمن ملكه كغيرها. انتهى وهو جيد ، للصحيح المذكور.
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ٨٣ حديث : ٣.