جيء بسليمان الشاذكوني وهو سكران في بنيجة ، فلما رآه عبد الرّحمن قال لغلمانه : احملوه فأدخل إلى منزله ، فلم أزل حتى أفاق فلما أتاه ابن مهديّ فوعظه. فقال : والله ما سكرت ولكنهم بنجوني ، فقال ابن مهديّ : دع النبيذ ولك عندي ألف درهم ، فقال نعم ، فأعطاه ألف درهم ، فأقام عنده حتى تغدى ثم انصرف ، قال : علي فما تركه حتى عاد إليه.
أخبرني عبد الملك بن عمر الرّزّاز ، أخبرنا عليّ بن عمر الحافظ ، حدّثنا محمّد بن مخلد ، حدّثنا يزيد بن الهيثم بن طهمان ـ أبو خالد ـ حدّثنا محمّد بن سهل بن عسكر قال : جاء رجل إلى عبد الرّزّاق فدفع إليه كتابا ، فأخذه فقرأه ، فتغير وجهه ثم قال : العدو الله الكذاب الخبيث جاء إلى هاهنا؟ كان يفعل كذا ، ويفعل كذا ، ثم ذهب إلى العراق فذكر أني حدّثته بأحاديث ، والله ما حدّثته بها عن معمر ، ولا عن الثوري ، ولا عن ابن جريج ، ولا سمعتها منهم ، ثم رمى بكتابه ثم قال : ذاك الشاذكوني. ثم ذكر يحيى بن معين فقال : ما رأيت مثله ، ولا أعلم بالحديث منه من غير سرد ، وأما عليّ بن المديني فحافظ سراد ، وأما أحمد بن حنبل فما رأيت أفقه منه ولا أورع.
حدّثني محمّد بن أحمد بن محمّد اللّخميّ ـ بالأنبار ـ أخبرنا الحسين بن ميمون البزّاز ـ بمصر ـ أخبرنا الحسين بن عليّ بن شعبان بن زكير ، حدّثنا محمّد بن سعيد التستري ، حدّثنا القاسم بن نصر المخرّميّ قال : وسألته ـ يعني أحمد بن حنبل ـ عن سليمان الشاذكوني فقال : جالس حمّاد بن زيد ، وبشر بن المفضل ويزيد بن زريع وذكر جماعة فما نفعه الله بواحد منهم.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أنبأنا محمّد بن نعيم قال : سمعت أبا عبد الله محمّد بن العبّاس الضّبّي يقول : سمعت أبا الفضل يعقوب بن إسحاق يقول : سمعت صالحا جزرة يقول : قال لي أبو زرعة الرّازيّ ببغداد : أريد أن أجتمع مع سليمان الشاذكوني فأناظره ، قال صالح فذهبت به إليه ، فلما دخل عليه قلت له : هذا أبو زرعة الرّازيّ أراد مذاكرتك ، فتذاكرا حديث أستار الكعبة وما قطع منها ، فكان الشاذكوني يصنع الأسانيد في الوقت ويذاكره بها ، فتحير أبو زرعة وسكت ، فلما قمنا من عنده قال لي أبو زرعة : اغتممت والله مما فعل هذا الشيخ! قلت له : هذه الأحاديث وضعها الساعة ، ولو ذاكرته بشيء آخر لوضع مثلها.