تونس بحيله في السرقة ، وكان يحمل السّلاح فحكم عليه بحكم المحارب في مدة الأمير محمد الصادق باي وقتل شنقا بباب سويقة.
ومعنى (يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) أنّهم يكتسبون الفساد ويجتنونه ويجترحونه ، لأنّ السعي قد استعمل بمعنى الاكتساب واللّمّ ، قال تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها) [الإسراء : ١٩]. ويقولون : سعى فلان لأهله ، أي اكتسب لهم ، وقال تعالى : (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى) [طه : ١٥].
وصاحب «الكشاف» جعله هنا بمعنى المشي ، فجعل (فَساداً) حالا أو مفعولا لأجله ، ولقد نظر إلى أنّ غالب عمل المحارب هو السعي والتنقّل ، ويكون الفعل منزّلا منزلة اللازم اكتفاء بدلالة المفعول لأجله. وجوّز أن يكون سعى بمعنى أفسد ، فجعل (فَساداً) مفعولا مطلقا. ولا يعرف استعمال سعى بمعنى أفسد.
والفساد : إتلاف الأنفس والأموال ، فالمحارب يقتل الرجل لأحد ما عليه من الثّياب ونحو ذلك.
و (يُقَتَّلُوا) مبالغة في يقتلوا ، كقول امرئ القيس :
في أعشار قلب مقتّل
قصد من المبالغة هنا إيقاعه بدون لين ولا رفق تشديدا عليهم ، وكذلك الوجه في قوله (يُصَلَّبُوا).
والصّلب : وضع الجاني الّذي يراد قتله مشدودا على خشبة ثمّ قتله عليها طعنا بالرّمح في موضع القتل. وقيل : الصّلب بعد القتل. والأول قول مالك ، والثّاني مذهب أشهب والشّافعي.
و (مِنْ) في قوله (مِنْ خِلافٍ) ابتدائية في موضع الحال من (أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) ، فهي قيد للقطع ، أي أنّ القطع يبتدئ في حال التخالف ، وقد علم أنّ المقطوع هو العضو المخالف فتعيّن أنّه مخالف لمقطوع آخر وإلّا لم تتصوّر المخالفة ، فإذا لم يكن عضو مقطوع سابق فقد تعذّر التخالف فيكون القطع للعضو الأوّل آنفا ثمّ تجري المخالفة فيما بعد. وقد علم من قوله : (مِنْ خِلافٍ) أنّه لا يقطع من المحارب إلّا يد واحدة أو رجل واحدة ولا يقطع يداه أو رجلاه ؛ لأنّه لو كان كذلك لم يتصوّر معنى لكون القطع من خلاف. فهذا التّركيب من بديع الإيجاز. والظاهر أنّ كون القطع من خلاف تيسير ورحمة ،