وزمان الصبا مقدم على زمان الشباب ، يبينه ما ذكر فى الحديد :(اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ) كلعب الصبيان ، (وَلَهْوٌ) كلهو الشبان ، (وَزِينَةٌ) كزينة النسوان ، (وَتَفاخُرٌ) كتفاخر الإخوان ، (وَتَكاثُرٌ) كتكاثر السلطان.
وقريب من هذا (فى) (١) ، تقديم لفظ اللعب على اللهو قوله تعالى : (وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ. لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) «٢١ : ١٦ ، ١٧».
وقدم اللهو فى الأعراف ، لأن ذلك فى القيامة ، فذكر على ترتيب ما انقضى ، وبدأ بما به الإنسان انتهى من الحالتين ، أما العنكبوت فالمراد بذكرها زمان الدنيا ، وأنه سريع الانقضاء ، قليل البقاء : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) (٦٤) ، أى : الحياة التى لا أمد لها ، ولا نهاية لأبدها ، بدأ بذكر اللهو لأنه فى زمان الشباب ، وهو أكثر من زمان اللعب ، وهو : زمان الصّبا.
١٠١ ـ قوله : (أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) (٤٠). ثم قال : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً) (٤٧) وليس لهما ثالث. وقال فيما بينهما : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) (٤٦) ، وكذلك فى غيرها ، وليس لهذه الجملة فى العربية نظير ، لأنه جمع بين علامتى خطاب وهما : التاء والكاف. والتاء اسم الإجماع ، والكاف حرف عند البصريين يفيد الخطاب فحسب (٢) ، والجمع بينهما يدل على أن ذلك تنبيه على شىء ما عليه من مزيد ، وهو : ذكر الاستئصال بالهلاك ،
__________________
= أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) [٣٦] ، وفى الحديد : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ) [٢٠] ، وفى الأعراف تقدم اللهو فى قوله : (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) [٥١] ، وكذا فى العنكبوت : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) [٦٤].
(١) سقط من ب.
(٢) الكاف لتأكيد الخطاب : ومبنى التركيب وإن كان على الاستخبار عن الرؤية القلبية أو البصرية. فالمراد الاستخبار عن متعلقها. انظر : (إرشاد العقل السليم ٢ / ٢٠٥).