هذه السورة (لا) وللمفسرين فى (لا) أقوال : قال بعضهم : (لا) صلة ، كما فى قوله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ) «٥٧ : ٢٩» (١) ، وقال بعضهم : الممنوع من الشيء مضطر إلى ما منع ، وقال بعضهم : معناه : ما الذى جعلك فى منعة من عذابى ، وقال بعضهم : معناه : من قال لك لا تسجد. وقد ذكرت ذلك وأخبرت بالصواب فى كتابى «لباب التفسير». الذى يليق بهذا الكتاب أن نذكر ما السبب الذى خص هذه السورة بزيادة (لا) دون السورتين.
قلت : لما حذف منها (يا إِبْلِيسُ) واقتصر على الخطاب ، جمع بين لفظ المنع ولفظ (لا) زيادة فى النفى ، وإعلاما أن المخاطب به إبليس ، خلافا للسورتين ، فإنه صرح فيهما باسمه.
وإن شئت قلت : جمع فى هذه السورة بين ما فى «ص» وما فى الحجر ، فقال : ما منعك أن تسجد ـ مالك ألا تسجد. فحذف (أَنْ تَسْجُدَ) ، وحذف (ما لَكَ) لدلالة الحال ودلالة السورتين عليه ، فبقى (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) ، وهذه لطيفة فاحفظها.
١٢١ ـ قوله : (أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤) ، وفى الحجر (٢٦) و «ص» (٧٩) : (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) ، لأنه سبحانه لما اقتصر فى السؤال على الخطاب دون صريح الاسم فى هذه السورة اقتصر فى الجواب أيضا على الخطاب دون ذكر المنادى. وأما زيادة الفاء فى السورتين دون هذه السورة فلأن داعية الفاء ما يتضمنه النداء من : أدعو ، أو أنادى ، نحو : (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا) «٣ : ١٩٣» أى : أدعوك. وكذلك داعية الواو فى قوله : (رَبَّنا وَآتِنا) «٣ : ١٩٤» فحذف
__________________
(١) وقيل : لا زائدة لتوكيد المعنى الذى دخلت عليه ، منبهة على أن الموبخ عليه ترك السجود (إرشاد العقل السليم ٢ / ٣٢٧). ومعنى (أَلَّا تَسْجُدَ) على أن (لا) صلة ، لأن يعلم ، وكأنه قيل : ليتحقق علم أهل الكتاب. والدليل على زيادتها سقوطها فى : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ). وقيل : ليست زائدة ، ومعناها : ما منعك فأحوجك ألا تسجد.
انظر (البحر المحيط ٣ / ٢٧٢).