من بطونها لعابا هو شفاء (١) ، فاقتضى ذلك ذكرا بليغا ، فختم الآية بالتفكير.
٢٥٨ ـ قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا) (١٤) ما فى هذه السورة جاء على القياس ، فإن الفلك المفعول الأول لترى ، ومواخر المفعول الثانى ، وفيه ظروف ، وحقّه التأخر ، والواو فى (وَلِتَبْتَغُوا) للعطف على لام العلّة فى قوله : (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ) (١٤) ، وأما فى الملائكة فقدم (فِيهِ) (١٢) موافقة لما قبله ، وهو قوله : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) (١٢) فوافق تقديم الجار والمجرور على الفعل والفاعل ، ولم يزد الواو على (لِتَبْتَغُوا) ، لأن اللام فى لتبتغوا هنا لام العلّة ، وليس بعطف على شىء قبله : ثم إن قوله : (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) فى هذه السورة و (فِيهِ مَواخِرَ) فى فاطر ، اعتراض فى السورتين يجرى مجرى المثل ، ولهذا وحّد الخطاب (فِيهِ) (٢) ، وهو قوله : (وَتَرَى) ، وقبله وبعده جمع وهو قوله : (لِتَأْكُلُوا) ـ (وَتَسْتَخْرِجُوا) ـ (وَلِتَبْتَغُوا) (١٤) ، وفى الملائكة : (تَأْكُلُوا) ـ (تَسْتَخْرِجُونَ) (١٢) ، ومثله فى القرآن كثير : (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا) «٥٧ : ٢٠» ، وكذلك : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) «٤٨ : ٢٩» و (وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) «٣٩ : ٧٥» ، وأمثاله. أى : لو حصرت أيها المخاطب لرأيته بهذه الصفة ، كما تقول : أيها الرجل وكلكم ذلك الرجل ، فتأمل فإن فيه دقيقة.
٢٥٩ ـ قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ (٣)
__________________
(١) حرّفت العبارة فى أ : هو لها شفاء.
(٢) سقطت من أ.
(٣) أساطير : أقاصيص.