الْأَوَّلِينَ) (٢٤) ، وبعده : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) (٣٠). إنما رفع الأول لأنهم أنكروا إنزال القرآن ، فعدلوا عن الجواب فقالوا : (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ). والثانى من كلام المتقين ، وهو مقرون بالوحى والإنزال ، فقالوا : (خَيْراً). أى : أنزل خيرا ، فيكون الجواب مطابقا.
وخيرا نصب بأنزل ، وإن شئت جعلت خيرا مفعول القول ، أى : قالوا خيرا ، ولم يقولوا شرّا كما قالت الكفار ، وإن شئت جعلت خيرا صفة مصدر محذوف ، أى : قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مثله ما زاد فى موضعها.
٢٦٠ ـ قوله : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٢٩) ليس له فى القرآن نظير. الفاء للعطف على فاء التعقيب فى قوله : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) (٢٩) واللام للتأكيد ، يجرى مجرى القسم موافقة لقوله : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (٣٠) وليس له نظير ، وبينهما (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) (٣٠).
٢٦١ ـ قوله : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (٣٤) هنا ، وفى الجاثية (٣٣) (١) ، وفى غيرهما (ما كَسَبُوا) «٣٩ : ٥١» ، لأن العمل أعم من الكسب ، ولهذا قال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٩٩) : (٧ ، ٨). وخصت هذه السورة لموافقة ما قبله ، وهو قوله : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨) ، ولموافقة ما بعده ، وهو قوله : (وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ) (١١١) ، وفى الزمر (٧٠) ، وليس لها نظير.
__________________
(١) فى الجاثية : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) وشاهد التكرار بين : (ما عَمِلُوا) ـ (ما كَسَبُوا).