إبطال نبوة الرسول صلىاللهعليهوسلم بما نقله إلينا من ضلالات الثنوية والبراهمة وغيرهم ، بل أنه احتاط لأمره احتياطا شيطانيّا ، وذلك أنه كما يقول البغدادى : «استثقل أحكام الشريعة ، ولم يجسر على إظهار رفعها ، فأنكر حجة الإجماع ، وحجة القياس فى الفروع الشرعية ، ولما علم إجماع الصحابة على الاجتهاد فى الفروع الشرعية ذكرهم بما يقرؤه غدا فى صحيفة مخازيه ، وطعن فى فتاوى أعلام الصحابة ، وجميع فرق الأمة». ثم ساق البغدادى من فضائحه وكفرياته الشنيعة إحدى وعشرين فضيحة من أرادها فلينظرها فى كتاب (الفرق بين الفرق ص ٨٠ ـ ٩١).
ومن العجيب أننا نجد امتدادا لتلك النحلة فى عصرنا الحديث : دعوات هزيلة إلى إعادة النظر فى اجتهادات السابقين من الأعلام ، ودعوة إلى إحلال الرأى مكانها بينما القاعدة تقول : لا يجوز خرق الإجماع إلّا بإجماع مثله. إن صحت هذه القاعدة ، فأين أهل الإجماع فى عصرنا حتى يخرقوا بإجماعهم إجماع الصحابة والتابعين؟!
ويكفى أن يعلم القارئ : أن إبراهيم النظام هذا وهو معتزلى المذهب قضى المعتزلة بكفره ، ومنهم خاله أبو الهذيل العلاف ، والجبائى ، والإسكافى ، ... وكثير غيرهم. وكفّره أهل السنة وألفوا فى تكفيره كتبا ومنهم : الأشعرى ، والقلانسى ، والباقلانى وغيرهم كثيرون.
ولقد عاد هذا الخبيث (النظام) فصادم إجماع المسلمين على إعجاز القرآن بقوله : إن هذا الإعجاز كان بالصرفة ، أى أن الله صرف العرب عن معارضته ، وسلب عقولهم وقدراتهم على ذلك ، وكانت معارضة القرآن مقدورة لهم ، لكن عاقهم عنها أمر خارجى ، فصار القرآن معجزة لذلك.
وأقول : إن هذا القول معناه : الارتداد إلى الفكر اليهودى السائد فى سفر التكوين ، والذى يصف الله ـ سبحانه ـ بالتردد والغيظ من عبيده ، إذ أنه كما يتصورون قد ندم على خلق آدم لما وجد أنه سوف يسبب له المتاعب ، واغتاظ حينما سادت الأخوة الإنسانية ، فبلبل ألسنة