ومع احتفاظنا بأن القرآن كلام الله غير مخلوق نقول : إن كان صرف الله عباده عن معارضته أمرا مقرّرا فى الإسلام ، فلما ذا لم يصرف الله العلماء عن معارضة خلقه فى العصر الحاضر؟ ألا ترى أن العلماء فى معاملهم راحوا يتحدثون عن الإنسان الآلى ، وعن بناء الأجنة فى غير أرحام الأمهات ، وعن الأمطار الصناعية ، ولم يصب الله تعالى عالما من هؤلاء بالجنون ، ولا بالمغص الكلوى كلما توجه إلى معمله ليصنع خلقا كخلق الله ، بل كانت لهم حرية العمل ، وحرية الاعتراف بالعجز ، وكان من هذا العجز هدى للكثيرين من العلماء فى تلك الدول ، إما إلى الإسلام مباشرة ، أو إلى الإقرار بوجود الله المبدع الذى يعجز العالم كله أمام حكمته وإبداعه.
فمحاولة التشكيك فى إعجاز القرآن بحجة القول بالصرفة ، أو بحجة أنه آية للبيان وليست للإعجاز تخبط دعا إليه الحقد على الإسلام وعلى القرآن ، أو التعصب العنصرى للجنس العربى تعصبا مصادما لعالمية القرآن وعدم اختصاصه بجنس دون جنس .. ولقد فند الإمام المحقق الشيخ محمد زاهد الكوثرى رحمهالله هذا الزعم فى كتابه (العقيدة النظامية) ، ولكن ضلالات المستشرقين ، من أمثال جولدزيهر ، ورودل ، ومرجيلوث ، وجب ، وضلالات أذنابهم وعلى رأسهم طه حسين فى كتابه عن (الشعر الجاهلى) من أنصار المذهب الديكارتى ما زالت تحتاج إلى جهود مضادة تنير قلوب الشباب المسلم بالحق الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
* * *