الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) (١) ، وقال : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٢).
وإذا حاولنا استجلاء عظمة القرآن وخلوده وشموله وعالميته ودلائل سلطانه وهيمنته على جميع الكتب والشرائع فى مختلف الأعصار والأزمان ، تبين لنا على ضوء الفهم الإنسان القاصر عدّة دلائل نجملها فيما يلى :
أولا : كانت المعجزات التى أيّد الله بها رسله السابقين على رسالة النبى محمد صلىاللهعليهوسلم كلها مؤقتة بوقتها. وبحياة الرسل الذين جرت على أيديهم تلك المعجزات ، فلم تبق واحدة منها بعد وفاة صاحبها ، مما ينفى عنها صفة الشمول ويحدد فاعليتها بوقتها ، ومن ثم ينفى عن تلك الرسالات صفة الدوام هى الأخرى ، ويسلكها فى عداد الشرائع الممهدة لما بعدها ، والمنسوخة بالتالية لها ، لا يمارى فى هذا صاحب عقل سليم.
ثانيا : ومن ناحية الكيف لم تكن تلك المعجزات السابقة على الإسلام الذى جاء به النبى صلىاللهعليهوسلم وافية بحاجات الإنسان ، ولا مثيرة لمواهبه كلها ، فقد كانت معجزة موسى من جنس السحر الذى اعتقده قومه عاملا من عوامل حمايتهم من الغوائل فى الأمور الشخصية والسياسية على السواء ، ولذلك كان سبب فزعهم : أن يخرجهم موسى من أرضهم بسحره ، ويذهب بطريقتهم المثلى التى اختاروها لإسباغ مظهر القوة والهيبة عليهم وعلى مملكتهم.
وأبطل موسى فريتهم فى اعتقادهم السحر حارسا للحدود السياسية ، ومصدرا من مصادر القوة الشخصية. وزودهم بأسفار وشرائع كانت صالحة لعصر موسى الذى بعث فيه
__________________
(١) سورة المزمل : ٤.
(٢) سورة الإسراء : ٧٨.