لأنهم قومه دون سائر الأقوام ، ولا يلعن قوما لأنهم ورثوا اللعنة من الآباء والأجداد ، حق الإنسان الإيمان بالله رب العالمين. كلاهما معجزة إلهية تجلت بها قدرة الله على غير مثال سابق متسلسل عن أسبابه فى بيئته ، ولا فيما جاورها من البيئات ، فإن السوابق التى سلفت قبل الإسلام كانت كسوابق المرض الذى يتطلب الشفاء ، ولم تكن كسوابق العلاج الذى ينتهى إلى الشفاء. وتلك هى السوابق التى تتجلى فيها قدرة الله على يد رسول من رسله ، ينبعث بالهداية ، موفقا بوحى من الله فيصنع المعجزة التى لم تمهد لها أسبابها ودواعيها ، لأن أسبابها الخفية ، ودواعيها الكامنة فى السريرة الإنسانية تفوق ذرع العقول ، ولا تدخل فى الحساب .. المرض الذى يؤدى إلى الموت سبب ، والمرض الذى ينتهى إلى العلاج سبب ، فإذا اختلط علينا السببان ، وجاء الشفاء من حيث نتوقع الهلاك ، فتلك معجزة إلهية علمها عند الله ، وأسبابها غير الأسباب التى نقدرها قبل وقوعها».
وهكذا يمتد نور القرآن ، فيداخل العقول فى كل مكان على ظهر الأرض يكاد يشبه فعله فيها فعل الصدمات الكهربية فى أدمغة المرضى العقليين ، إذ يفيقون بعدها وقد تفتحت عيونهم على الكون برؤية جديدة ، وإدراك رشيد ، ولم تكن تلك الموجات التى تروى الفكر فى أرجاء الأرض هى موجات اللغة والأسلوب. كل ما فى الأمر أن روح هذا القرآن صنعت المعجزة بين قوم عجزوا عن معارضته فأسلموا له القياد ، وبدأت بعد ذلك مسيرة القرآن فى العالم الناطق بمختلف الألسنة واللغات ، واكتشف هؤلاء الأعاجم من أسرار القرآن ودلائل إعجازه وعظمته وتفوقه على كل الدساتير والمناهج العلمية فى العالم كل ما لم يمارسه الناطقون بالعربية فى عصرنا الحاضر.
ألم يأن للمؤمنين أن يفتحوا أعينهم بعد؟
ألم يأن لهم أن يجانبوا السفسطة وحب الظهور على حساب غمز القرآن؟