المعنى : أقيموا فيها ، وذلك ممتد ، فذكر بالواو ، أى : اجمعوا بين الأكل والسكون ، وزاد فى البقرة (رَغَداً) لأنه سبحانه أسنده إلى ذاته بلفظ التعظم وهو قوله : (وَإِذْ قُلْنا) خلاف ما فى الأعراف ، فإن فيه : (وَإِذْ قِيلَ).
وقدم (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) على قوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ) فى هذه السورة ، وأخّرها فى الأعراف ، لأن السابق فى هذه السورة (ادْخُلُوا) فبيّن كيفية الدخول (١).
وفى هذه السورة (خَطاياكُمْ) (٥٨) بالإجماع. وفى الأعراف (خَطِيئاتِكُمْ) (١٦١) مختلف (٢) لأن خطايا صيغة الجمع الكثير ، ومغفرتها أليق فى الآية بإسناد الفعل إلى نفسه سبحانه.
وفى هذه السورة (وَسَنَزِيدُ) ، وفى الأعراف (سَنَزِيدُ) بغير واو ، لأن اتصالها فى هذه السورة أشد ، لاتفاق اللفظين. واختلفا فى الإعراب لأن اللائق (سَنَزِيدُ) محذوف الواو ليكون استئنافا لكلام (٣).
__________________
(١) قال الإسكافى : إن ما أخبر الله به من قصة موسى وبنى إسرائيل وسائر الأنبياء لم يقصد به حكاية الألفاظ بأعيانها ، وإنما قصد اقتصاص معانيها ، وكيف لا يكون كذلك واللغة التى خوطبوا بها غير العربية ، فحكاية اللفظ إذن زائلة ، وتبقى حكاية المعنى ، ومن حكاية المعنى كان مخبرا بأى لفظ أراد ، وكيف شاء من تقديم وتأخير بحرف لا يدل على الترتيب كالواو. وعلى هذا يقاس نظائره فى القرآن (درة التنزيل ص ١٧).
(٢) قرأ نافع وابن عامر (تغفر) بالتاء مضمومة وفتح الفاء ، والباقون بالنون مفتوحة (نغفر). وقرأ أبو عمرو (خطاياكم) على لفظ قضاياكم ، من غير همز ، وابن عامر (خطيئتكم) بالهمز وضم التاء من غير ألف ، على التوحيد ، ونافع كذلك إلّا أنه على الجمع ، والباقون كذلك إلّا أنهم يكسرون التاء (التيسير ص ١١٤) طبعة إستانبول ١٩٢٠ م.
(٣) بيان ذلك : أن (ادْخُلُوا) من قوله تعالى فى البقرة : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا) وقعت فى موضع المفعول من (قُلْنَا). والمفعول يكون مفردا ، ويكون مكانه جملة ، والفاعل عند البصريين لا يكون إلّا مفردا ، ولا تصح الجملة مكانه ، ولذلك يقولون فى قوله فى سورة يوسف : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) (٣٥). إن فاعل (بَدا) هو البداء الذى دل عليه الفعل ، لأن الفعل دال على مصدر ، وكذلك قوله تعالى فى السجدة :(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) (٢٦). فاعل (يَهْدِ) عند البصريين يكون الفاعل فى قوله فى الأعراف : (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا) مفردا ، ولا يصح أن يكون جملة ، ولا يجوز أن يكون