العملية للبشر الموصول بحبل الله المتين ، من حيث كان الإنسان المؤمن مسيرا بمحض الإرادة الإلهية فى الشرائع السابقة على الإسلام فى موضوع الجهاد فى سبيل الله.
ولهذا لم يكن القرآن علاجا للجسد فحسب ، بل كان حياة للنفوس وكاشفا عن مواهب المؤمنين ، وسجلّا جامعا للشرائع النابعة من فطرة الله فى الإنسان حيثما كان وأينما وجد ، ودام القرآن بعد النبى محمد صلىاللهعليهوسلم بنفس القوة والفاعلية والصيانة من العبث ، وغزا جوانب الفكر العالمى كله ، وخضعت له الهامات الشامخة متصاغرة أمام جلاله وعظمته وسيادته الروحية والفكرية جميعا ، فكان شاملا ، وكان باقيا ، وكان حياة للروح من حيث يبلى الجسد ، لا سيما وأن وعد الله بحفظ القرآن من عبث الهوى وشطط العقل قد تحقق بطريقة منهجية عجيبة على يد أبى بكر ، إذ كوّن لجنة من كبار الحفّاظ حقّقت النص المخطوط الذى دوّنه كتّاب الوحى فى حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم للقرآن ، ثم أعيد تحقيق المخطوطات القرآنية المتداولة فى الأمصار مرة أخرى على عهد عثمان ، واتفقت الكلمة على تدوينه بلهجة قريش ، وإلغاء ما دوّن منه بلهجات أخرى ، لئلا يختلف المسلمون فى المعانى لاختلاف اللهجة فى مستقبل الزمان البعيد.
رابعا : ومن وجهة المنزلة الخاصة للأنبياء والتى تتبع رسالاتهم ومعجزاتهم فقد كانت منزلة النبى محمد صلىاللهعليهوسلم فوق كل المنازل. فلئن كان موسى كليما فقد صعق حين تجلّى ربه للجبل ، وقرب الله رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم للنجوى ليلة المعراج دون أن يصعق ، ولئن كان المسيح أحيا الأجساد فقد أحيا النبى صلىاللهعليهوسلم بالقرآن موات النفوس. وهدى حائر العقول ، ولئن سخر الله الريح لسليمان فقد اخترق محمد صلىاللهعليهوسلم السبع الطباق ، ولئن