أما أسرته فلم تفدنا المصادر بشيء عنها ، سوى ما ذكره ابن بطوطة الذي قال إنه رأى حفدة للتستري في تستر (١). أما وفاته فكانت بالبصرة سنة (٢٨٣ ه) (٢) وقيل سنة (٢٧٣ ه) (٣) ، وقيل (٢٩٣ ه) (٤).
ب ـ نشأته وتصوفه : نشأ سهل التستري في تستر ، وكانت بدايات اتجاهه إلى التصوف في سن مبكرة جدا ، واحتفظ لنا اليافعي بنص مروي عن سهل التستري تحدث فيه عن نشأته واتخاذه التصوف منهجا وسبيلا لحياته ، فقال : (كنت ابن ثلاث سنين ، وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوّار ، وكان يقوم بالليل ، وكان يقول : يا سهل ، اذهب ونم ، فقد شغلت قلبي. وقال لي يوما خالي : ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت : كيف أذكره؟ فقال : قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك : الله معي ، الله ناظر إلي ، الله شاهدي. فقلت ذلك ليالي ثم أعلمته ، فقال : قلها في كل ليلة سبع مرات ، فقلت ذلك ، فوقع في قلبي حلاوة. فلما كان بعد سنة قال لي خالي : احفظ ما علمتك ودم عليه إلى أن تدخل القبر ، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة ، فلم أزل على ذلك سنين ، فوجدت لها حلاوة في سري. ثم قال لي خالي يوما : يا سهل ، من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهده لا يعصيه ، إياك والمعصية.
حفظت القرآن وأنا ابن ست أو سبع ، وكنت أصوم الدهر ، وقوتي خبز الشعير اثنتي عشرة سنة ، فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة ، فسألت أن يبعثوا بي إلى البصرة أسأل عنها ، فجئت البصرة ، وسألت علماءها ، فلم يشفني ما سمعت. فخرجت إلى عبادان إلى رجل يعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العبادي ، فسألته عنها فأجابني. وأقمت عنده مدة أنتفع بكلامه وأتأدب بأدبه. ثم رجعت إلى تستر ، فجعلت قوتي اقتصارا على أن يشترى لي بدرهم فرقان الشعير ، فيطحن ويختبز ، فأفطر عند السحر كل ليلة على أوقية واحدة بغير ملح ولا إدام ،
__________________
(١) رحلة ابن بطوطة ١ / ٢٠٩ ، ؛ وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان ٦ / ١٣.
(٢) البداية والنهاية ١١ / ٧٤ ؛ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٦٨٥ ؛ وسير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٣٣ ، ؛ وشذرات الذهب ١ / ١٨٢ ؛ وصفوة الصفوة ٤ / ٦٦ ؛ وطبقات الصوفية ١ / ١٦٧ ؛ والعبر ٢ / ٧٦ ؛ والكامل ٦ / ٣٨٩ ؛ ومعجم البلدان ٢ / ٣١ ؛ والمنتظم ٥ / ١٦٣ ؛ والنجوم الزاهرة ٣ / ٩٥ ؛ ووفيات الأعيان ٢ / ٤٢٩ ؛ والوافي بالوفيات ١٦ / ١٧.
(٣) البداية والنهاية ١١ / ٧٤ ؛ وسير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٣٣ ؛ وصفوة الصفوة ٤ / ٦٦ ؛ ومعجم البلدان ٢ / ٣١ ؛ والمنتظم ٥ / ١٦٣ ؛ والوافي بالوفيات ١٦ / ١٧ ؛ ووفيات الأعيان ٢ / ٤٢٩.
(٤) طبقات الصوفية ١ / ١٦٧.