في الملك! فضرب صدره بيده وقال : اسكت ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ الله يحبّ العبد التّقيّ الخفيّ الغنيّ» (١).
وروى ابن عيينة ، عمّن حدّثه ، عن سالم ، إن شاء الله ، قال : قال عمر ابن سعد للحسين : إنّ قوما من السفهاء يزعمون أنّي قاتلك ، قال : ليسوا بسفهاء ولكنّهم حلماء ، ثم قال : والله إنّه ليقرّ عيني (٢) أنك لا تأكل برّ العراق بعدي إلّا قليلا.
وروى هشام بن حسّان ، عن ابن سيرين ، عن بعض أصحابه قال : قال عليّ لعمر بن سعد : كيف أنت إذا قمت مقاما تخيّر فيه بين الجنّة والنار ، فتختار النّار.
ويروى عن عقبة بن سمعان قال : كان عبيد الله قد جهّز عمر بن سعد في أربعة آلاف لقتال الدّيلم ، وكتب له عهده على الرّيّ ، فلما أقبل الحسين طالبا للكوفة دعا عبيد الله عمرا وقال : سر إلى الحسين ، قال : إن تعفيني ، قال : فردّ إلينا عهدنا ، قال : فأمهلني اليوم انظر في أمري ، فانصرف يستشير أصحابه ، فنهوه (٣).
وقال أبو مخنف (٤) ـ وليس بثقة لكن له اعتناء بالأخبار ـ : حدّثني مجالد ، والصّقعب بن زهير أنّهما التقيا مرارا ـ الحسين ، وعمر بن سعد ـ قال : فكتب عمر إلى عبيد الله : أمّا بعد ، فإنّ الله قد أطفأ الثائرة ، وجمع الكلمة ، وأصلح أمر الأمّة ، فهذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الّذي منه أتى ، أو أن يأتي أمير المؤمنين فيضع يده في يده ، أو أن يسير إلى ثغر من الثغور ، فيكون رجلا من المسلمين ، له ما لهم وعليه ، وفي هذا لكم رضاً ، وللأمّة صلاح. فلما قرأ عبيد الله الكتاب قال : هذا كتاب ناصح
__________________
(١) أخرجه مسلم في الزهد (١١ / ٢٩٦٥).
(٢) في الأصل «بعيني».
(٣) تاريخ الطبري ٥ / ٤٠٩.
(٤) في الأصل «أبو فخرف» ، وهو لوط بن يحيى الأخباري المشهور.