اخبرني من سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليرعفنّ على منبري جبّار من جبابرة بني أميّة». قال عليّ فحدّثني من رأى عمرو بن سعيد رعف على منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال الزبير بن بكّار : كان عمرو بن سعيد ولّاه معاوية المدينة ، ثمّ ولّاه يزيد ، فبعث عمرو بعثا لقتال ابن الزبير. وكان عمرو يدّعي أنّ مروان جعل إليه الأمر بعد عبد الملك ، ثم نقض ذلك وجعله إلى عبد العزيز بن مروان ، فلما شخص عبد الملك إلى حرب مصعب إلى العراق ، خالف عليه عمرو بن سعيد ، وغلّق أبواب دمشق ، فرجع عبد الملك وأحاط به ، ثم أعطاه أمانا ، ثمّ غدر به فقتله ، فقال في ذلك يحيى بن الحكم عمّ عبد الملك:
أعينيّ جودي بالدموع على عمرو |
|
عشيّة تبتزّ الخلافة بالغدر |
كأنّ بني مروان إذ يقتلونه |
|
بغاث من الطّير اجتمعن على صقر |
غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل |
|
وأنتم ذوو قربائه وذوو صهر |
فرحنا وراح الشامتون عشيّة |
|
كأنّ على أكتافنا فلق الصّخر |
لحا الله دنيا يدخل النار أهلها |
|
وتهتك ما دون المحارم من ستر (١) |
وكان مروان يلقّب بخيط باطل (٢).
وروى ابن سعد (٣) بإسناد ، أنّ عبد الملك لما سار يؤمّ العراق ، جلس خالد بن يزيد بن معاوية ، وعمرو بن سعيد ، فتذاكرا من أمر عبد الملك ومسيرهما معه على خديعة منه لهما ، فرجع عمرو إلى دمشق فدخلها وسورها وثيق ، فدعا أهلها إلى نفسه ، فأسرعوا إليه ، وفقده عبد الملك ، فرجع بالناس
__________________
(١) الأبيات بتقديم وتأخير ، واختلاف بعض الألفاظ ، بعضها في : مروج الذهب ٦ / ٢١٨ ـ ٢١٩ (طبعة باريس) ، والأخبار الطوال ٢٩٥ ، والحيوان ٦ / ٣١٥ ، والحماسة للبحتري ، رقم ٧١٣ ، وأنساب الأشراف ٣ / ٧٢ و ٧٣ وق ٤ ج ١ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، وفي سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٥٠ وهي أكثر مما هنا ، وتاريخ دمشق ١٣ / ٢٢٩ ب ، وأخبار الدولة العباسية ١٤٤.
(٢) كان مروان بن الحكم يقال له خيط باطل لأنه كان طويلا مضطربا ، قال الشاعر :
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل |
|
على الناس يعطي من يشاء ويمنع |
انظر : مروج الذهب ٣ / ٣٢ ، ولطائف المعارف للثعالبي ـ طبعة عيسى الحلبي ١٩٦٠ ـ ص ٣٦ ، وثمار القلوب ٧٦ رقم ١٠٣.
(٣) في الطبقات ٥ / ٢٣٨ وهو مختصر عمّا هنا.