منه لتتّبعنا ، قال : فتواثقوا ، فقال كعب : أرسل إليّ ذلك المصحف ، فجيء به ، فقال : أترضون أن يكون هذا بيننا؟ قالوا : نعم ، لا يحسن أحد يكتب مثله اليوم ، فدفع إلى شاب منهم ، فقرأ كأسرع قارئ ، فلما بلغ إلى مكان منه نظر إلى أصحابه كالرجل يؤذن صاحبه بالشّيء ، ثم جمع يديه فقال به ، فنبذه ، فقال كعب : آه ، وأخذه فوضعه في حجره ، فقرأ ، فأتى على آية منه ، فخرّوا سجّدا ، وبقي الشيخ يبكي ، فقيل : وما يبكيك؟ فقال : وما لي لا أبكي ، رجل عمل في الضّلالة كذا وكذا سنة ، ولم أعرف الإسلام حتى كان اليوم.
همّام : ثنا قتادة ، عن زرارة ، عن مطرّف بن مالك قال : أصبنا دانيال بالسّوس (١) في بحر من صفر ، وكان أهل السّوس إذا استقروا استخرجوه فاستسقوا به ، وأصبنا معه ريطتي كتّان ، وستّين جرّة مختومة ، ففتحنا جرّة ، فوجدنا في كلّ جرّة عشرة آلاف ، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب ، وكان معنا أجير نصرانيّ يقال له نعيم ، فاشتراها بدرهمين.
قال همّام : قال قتادة : وحدّثني أبو حسّان أنّ من وقع عليه رجل يقال له حرقوص ، فأعطاه أبو موسى الرّيطتين ومائتي درهم ، ثم إنّه طلب أن يردّ عليه الرّيطتين ، فأبى ، فشقّقهما عمائم ، فكتب أبو موسى في ذلك إلى عمر ، فكتب إليه : إنّ نبيّ الله دعا الله أن لا يرثه إلّا المسلمون ، فصلّ عليه وأدفنه.
قال همّام : وثنا فرقد ، ثنا أبو تميمة أنّ كتاب عمر جاء : أن اغسله بالسّدر وماء الرّيحان.
ثم رجع إلى حديث مطرّف قال : فبدا لي أن آتي بيت المقدس ، فبينا أنا في الطريق إذا أنا براكب شبّهته بذلك الأجير النّصرانيّ ، فقلت : نعيم ، قال : نعم. قلت : ما فعلت نصرانيتك؟ قال : تحنّفت بعدك ، ثم أتينا دمشق ،
__________________
(١) السّوس : بضم أوله وسكون ثانيه ، وسين مهملة أخرى. بلدة بخوزستان فيها قبر دانيال النبيّ ، عليهالسلام. قال حمزة : السوس تعريب الشوش ، بنقط الشين ، ومعناه : الحسن والنّزه والطيّب واللطيف. (معجم البلدان ٣ / ٢٨٠).