مع شبيب ستمائة ، فحمل في مائتين على ميسرة الناس فانهزموا ، واشتدّ القتال ، وعتّاب بن ورقاء جالس هو وزهرة بن حويّه على طنفسة في القلب ، فقال عتّاب : هذا يوم كثر فيه العدد وقلّ فيه الغناء ، وا لهفي على خمسمائة من رجال تميم (١).
وتفرّق عن عتّاب عامّة الجيش ، وحمل عليه شبيب ، فقاتل عتّاب ساعة وقتل ، ووطئت الخيل زهرة فهلك ، فتوجّع له شبيب لمّا رآه صريعا ، فقال له رجل من قومه : والله يا أمير المؤمنين إنّك لمنذ الليلة لمتوجّع لرجل من الكافرين! قال : إنّك لست أعرف بضلالتهم (٢) منّي ، إني أعرف من قديم أمرهم ما لا تعرف ، لو ثبتوا عليه كانوا إخواننا (٣).
وقتل في المعركة : عمّار بن يزيد الكلبيّ ، وأبو خيثمة بن عبد الله (٤).
ثم قال شبيب لأصحابه : ارفعوا عنهم السيف ، ودعا الناس إلى طاعته وبيعته ، فبايعوه ، ثم هربوا ليلا (٥).
هذا كلّه قبل أن يقدم جيش الشام ، فتوجّه شبيب نحو الكوفة ، وقد دخلها عسكر الشام ، فشدّوا ظهر الحجّاج وانتعش بهم ، واستغنى بهم عن عسكر الكوفة ، وقال : يا أهل الكوفة لا أعزّ الله من أراد بكم العزّ ، الحقوا بالحيرة ، فانزلوا مع اليهود والنّصارى ، ولا تقاتلوا معنا (٦).
وحنق عليهم ، وهذا ممّا يزيدهم فيه بغضا.
ثم إنّه وجّه الحارث بن معاوية الثقفيّ في ألف فارس في الكشف ، فالتمس شبيب غفلتهم والتقوا ، فحمل شبيب على الحارث فقتله ، وانهزم من معه (٧).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٢ و ٢٦٤ ، ٢٦٥.
(٢) في طبعة القدسي ٣ / ١٢٣ «بصلاتهم» والتصويب من تاريخ الطبري.
(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٦.
(٤) الطبري ٦ / ٢٦٦.
(٥) الطبري ٦ / ٢٦٦.
(٦) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٦.
(٧) تاريخ الطبري ٦ / ٢٦٨.