قال أبو عمران الجوني ، عن هرم بن حيّان أنه قال : إيّاكم والعالم الفاسق ، فبلغ عمر ، فكتب إليه وأشفق منها : ما العالم الفاسق؟ فكتب : يا أمير المؤمنين ما أردت إلّا الخير ، يكون إمام يتكلّم بالعلم ، ويعمل بالفسق ، ويشبّه على الناس فيضلّوا (١).
قلت : إنّما أنكر عليه عمر لأنّهم لم يكونوا يعدّون العالم إلّا من عمل بعلمه.
وروى الوليد بن هشام القحذميّ (٢) ، عن أبيه ، عن جدّه ، أنّ عثمان بن العاص وجّه هرم بن حيّان إلى قلعة فافتتحها عنوة (٣).
وقال الحسن البصريّ : خرج هرم وعبد الله بن عامر بن كريز ، فبينما رواحلهما ترعى إذ قال هرم : أيسرّك أنّك كنت هذه الشجرة؟ قال : لا والله ، لقد رزقني الله الإسلام ، وإنّي لأرجو من ربّي ، فقال هرم : لكنّي والله لوددت أنّي كنت هذه الشّجرة ، فأكلتني هذه الناقة ، ثمّ بعرتني ، فاتخذت جلّة ، ولم أكابد الحساب ، ويحك يا ابن عامر إنّي أخاف الدّاهية الكبرى (٤).
قال الحسن : كان والله أفقههما وأعلمهما بالله.
وقال قتادة : كان هرم بن حيّان يقول : ما أقبل عبد بقلبه إلى الله إلّا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتّى يرزقه مودّتهم ورحمتهم.
وقال صالح المرّيّ : قال هرم : صاحب الكلام على إحدى منزلتين ، إن قصّر فيه خصم ، وإن أغرق فيه أثم.
وقال قتادة : قال هرم : ما رأيت كالنار نام هاربها ، ولا كالجنّة نام طالبها (٥).
__________________
(١) الطبقات لابن سعد ٧ / ١٣٣.
(٢) في الأصل «القحدمي» بالدال المهملة ، والتحرير من اللباب.
(٣) تاريخ خليفة ١٥٩.
(٤) رواه أبو نعيم في الحلية ٢ / ١١٩ ، ١٢٠ ، من طريق : عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبي همام الوليد بن شجاع ، قال : حدّثنا مخلد ـ يعني ابن حسين ـ عن هشام ، وعن الحسن.
ورواه جرير ، عن جابر ، عن حميد بن هلال ، نحوه.
(٥) حلية الأولياء ٢ / ١١٩ ، طبقات ابن سعد ٧ / ١٣٢.