وقال سعيد بن المسيّب : لو أنّ حسينا لم يخرج لكان خيرا له.
وقد كتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظّم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بلزوم الجماعة ، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه وتقول : أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يقتل حسين بأرض بابل» (١)
وكتب إليه عبد الله بن جعفر كتابا يحذّره أهل الكوفة ، ويناشده الله أن يشخص إليهم.
فكتب إليه الحسين : إني رأيت رؤيا ، ورأيت فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمرني بأمر أنا ماض له ، ولست بمخبر أحدا بها حتى ألاقي عملي (٢).
ولم يقبل الحسين غدا ، وصمّم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس : والله إني لأظنّك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان ، وإني لأخاف أن تكون الّذي يقاد به عثمان ، ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ). فقال : يا أبا العباس إنك شيخ قد كبرت ، فبكى ابن عباس وقال : أقررت عين ابن الزبير ، ولما رأى ابن عباس عبد الله بن الزبير قال له : قد أتى ما أحببت ، هذا الحسين يخرج ويتركك والحجاز. ثم تمثّل :
يا لك من قنبرة (٣) بمعمّر |
|
خلا لك الجو (٤) فبيضي واصفري |
ونقّري ما شئت أن تنقري (٥) |
وبعث الحسين إلى أهل المدينة ، فسار إليه من خفّ معه من بني عبد المطّلب ، وهم تسعة عشر رجلا ، ونساء وصبيان ، وتبعهم محمد بن الحنفيّة فأدرك أخاه الحسين بمكة ، وأعلمه أنّ الخروج ليس له برأي ، يومه هذا ، فأبى الحسين عليه ، فحبس محمد ولده ، فوجد عليه الحسين وقال : ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه! وبعث أهل العراق إلى الحسين الرسل ،
__________________
(١) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٢ ، ٣٣٣.
(٢) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٣.
(٣) في التاج : القبرة : طائر ، الواحدة بهاء ، ولا تقل قنبرة ، أو لغية ، وقد جاء ذلك في الرجز ...
(٤) في الأصل «خلا لك البر».
(٥) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٣٣٤ ، تاريخ الطبري ٥ / ٣٨٤ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٣٩ ، البداية والنهاية ٨ / ١٦٠.