هذا اليوم جاء ابن خلكان ليسلم على الامير سنجر المذكور فاعتقله في علو الخانقاه النجيبية ، وعزله في يوم الخميس العشرين من صفر ، ورسم للقاضي نجم الدين بن سني الدولة بالقضاء فباشره ، ثم جاء البريدية ومعهم كتاب من الملك المنصور قلاوون بالعتب على طوائف والعفو عنهم كلهم ، وتقليد نيابة الشام للأمير حسام الدين لاجين السلحدار المنصوري ، فدخل معه علم الدين سنجر المذكور فرتبه بدار السعادة ، وأمر سنجر القاضي ابن خلكان أن يتحول من المدرسة العادلية الكبرى ليسكنها نجم الدين بن سني الدولة ، وألح عليه في ذلك ، فاستدعى جمالا لينقل أهله وثقله إلى الصالحية ، فجاء البريد بكتاب من السلطان فيه تقرير ابن خلكان على القضاء والعفو عنه وشكره والثناء عليه ، وذكر خدمته المتقدمة ، ومعه خلعة سنية فلبسها وصلى بها الجمعة ، وسلم على الامراء فاكرموه وعظموه ، وفرح الناس به وبما وقع من الصفح عنه انتهى. وفي ذي الحجة جاء تقليد ابن خلكان أيضا باضافة المعاملة الحلبية إليه ، فرتب لها من شاء من نوابه ، وفي محرم سنة ثمانين وستمائة وصل الملك المنصور قلاوون إلى دمشق ا ه. وقال ابن كثير في تاريخه في سنة سبع وسبعين وستمائة وفي العشر الاول من ذي القعدة فتحت المدرسة النجيبية إلى أن قال وفتحت الخانقاه النجيبية ، وقد كانت أوقافهما تحت الحوطة إلى الآن انتهى. وممن ولي مشيختها علي بن مجاهد علاء الدين المجدلي ، اشتغل ببلده ، ثم قدم القدس الشريف فلازم التقي وهو القلقشندي ، ثم قدم دمشق فاشتغل ، وقدم مصر سنة ثمانين فأخذ عن الضياء القرمي (١) وعاد إلى دمشق وتصدر بالجامع واشغل الناس ، واختص بالقاضي سري الدين وأضاف إليه قضاء المجدل ، ثم وقع بينهما ، فأخذت وظائفه ، ثم غرم مالا حتى استعادها ، وولي مشيخة النجيبية بآخرة وسكنها وكان فهمه جيدا ، متوسطا في الفقه ، توفي رحمهالله تعالى في شهر رمضان سنة اربع وتسعين وسبعمائة انتهى.
__________________
(١) شذرات الذهب ٦ : ٢٦٦.