وله مواقف مشهودة وكان صحيح الاسلام ، معظما للشريعة والسنة وأهلها ، محبا لمجالسة العلماء ، فيه عدل وكرم وحياء ، وله هيبة شديدة ، مرض بقلعة دمشق بالسعال والاسهال نيفا وعشرين ليلة ، وكان في رجله نقرس ، ومات في الحادي والعشرين من شهر رجب ، ومن عدله المخلوط بالجبروت والظلم ، شنق جماعة من أجناده على أمد في أكيال شعير غصبوه انتهى. وقال في مختصر تاريخ الاسلام في سنة خمس وثلاثين المذكورة : وفيها مات الاخوان الملك الاشرف مظفر الدين موسى في اول السنة وتملك البلد الملك الكامل فمات في القلعة بعد سنة اشهر ، وكان مولدهما بالقاهرة في عام واحد أيضا وهو سنة ست وسبعين وخمسمائة ، فأما الاشرف الى ان قال : وأما الكامل فإنه تملك الديار المصرية أربعين سنة ، وعمر دار الحديث بها ، وقبة على ضريح الامام الشافعي رضي الله تعالى عنه ، وله مواقف مشهودة في الجهاد وكان معظما للسنن ، محبا لمجالسة العلماء ، فيه عقل ودين ، ولما بلغه موت الاشرف أخيه سار الى دمشق ، وقد تسلطن بها أخوه الصالح اسماعيل فأخذها منه واستقر بالقلعة ، فما بقي شهرين حتى فاجأته المنية بالسعال والاسهال ، وكان فيه نقرس ، وكان فيه أيضا جبروت وسخف انتهى ، وقال ابن كثير في سنة خمس وثلاثين المذكورة أيضا : وكان الملك بعده لأخيه الصالح اسماعيل ، فلما توفي أخوه الاشرف المذكور ركب في ابهة الملك ومشى الناس بين يديه وركب الى جانبه صاحب حمص أسد الدين شيركوه (١) بن ناصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه بن شاذي وعز الدين ايبك المعظمي حامل الغاشية على رأسه ، وصادر جماعة من الدماشقة الذين قبل عنهم انهم مع أخيه الكامل صاحب مصر ، منهم : المعلم معاسف وأولاد ابن مزهر وحبسهم ببصرى ، واطلق الحريري من قلعة عزتا وشرط عليه ان لا يدخل دمشق ، ثم قدم أخوه الكامل من مصر وانضاف اليه الناصر داود صاحب الكرك ونابلس والقدس ، فحاصروا دمشق حصارا شديدا ، وقد حصنها الصالح اسماعيل ، وقطعت المياه ورد الكامل ماء بردى الى ثورى ، واحرقت العقبة وقصر حجاج ، وجرت
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ١٨٤.