وكان يوم اخذه له واسترجاعه إياه يوما مشهودا ، ثم بعد شهرين من حين تملك دمشق حدث له أمراض مختلفة من ذلك سعال واسهال ونزلة في حلقه ونقرس في رجليه ، وكانت وفاته ليلة الخميس ثاني عشرين شهر رجب في البيت الصغير الذي توفي فيه جده الملك الناصر من قلعة دمشق ، ولم يكن عند الكامل أحد عند موته من شدة هيبته ، بل دخلوا عليه فوجدوه ميتا رحمهالله تعالى ، ودفن بالقلعة المذكورة حتى كملت تربته التي أنشأها بناته بالحائط الشمالي من الجامع ذات الشبابيك التي هناك قريبا من مقصورة ابن سنان ، وهي الكندية التي عند الحلبية ، فنقل إليها ليلة الجمعة حادي عشرين شهر رمضان منها ، ومن شعره يستحث أخاه الملك الاشرف من بلاد الجزيرة حين كان محاصرا بدمياط وهو قوله :
يا مسعفي ان كنت حقا مسعفي |
|
فارحل بغير تفند وتوقف |
ودع المنازل والديار ولا تلج |
|
الا على باب المليك الأشرف |
قبل يديه لا عدمت وقل له |
|
عني بحسن تعطف وتلطف |
أن مات صنوك عن قريب تلقه |
|
ما بين حد مهند ومثقف |
او تبط عن انجاده تلقاه في |
|
يوم القيامة في عراص الموقف |
وكان قد عهد لولده العادل وكان صغيرا بالديار المصرية وبالبلاد الشامية ، ولولده الصالح أيوب ببلاد الجزيرة ، فأمضى الأمراء ذلك انتهى ملخصا. وقال الذهبي في مختصر تاريخ الإسلام : فلما مات الكامل كان بالحضرة عز الدين إيبك صاحب المدرسة العزية ، وسيف الدين علي بن قليج صاحب المدرسة القليجية ، وفخر الدين ابن الشيخ (١) وأخوه ، وركن الدين ابن الهكاري فاشتوروا فيمن يسلطنون ، وكان الملك الناصر بن المعظم بدار أسامة فهموا أن يولوه ، وكان أضر ما عليه عماد الدين ابن الشيخ (٢) لأنه أهانه في بحث ، فأشار بالجواد ، فوافقه الأمراء وأرسلوا في الوقت أميرا إلى الناصر ليخرج من البلد فخرج إلى القابون
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٣٨.
(٢) شذرات الذهب ٥ : ١٨١.