وسلطنوا الملك الجواد مودود بن العادل فأنفق الأموال وبذر ، وسارع الناصر وأخذ غزة وأما مصر فسلطنوا بها الملك العادل ولد الكامل انتهى. وفي سنة إحدى وأربعين وستمائة ترددت الرسل بين الصالح نجم الدين أيوب وبين عمه الصالح إسماعيل ابن الملك العادل صاحب دمشق ، على أن يرد إليه ولده المغيث عمر بن الصالح نجم الدين أيوب المعتقل في قلعة دمشق ، وتستقر دمشق في يد الصالح إسماعيل ، فوقع الصلح على ذلك ، وخطب للصالح أيوب صاحب مصر بدمشق ، فخاف الوزير أمين الدولة أبو الحسين غزال المسلماني وزير الصالح اسماعيل. فقال لمخدومه : لا ترد هذا الغلام لأبيه تخرج البلاد من يدك ، هذا خاتم سليمان في يدك ، فعندها أبطل ما كان وقع من الصلح ورد الغلام الى القلعة ، وقطعت الخطبة للصالح أيوب ، فوقعت الوحشة بين الملكين ، وأرسل الصالح أيوب إلى الخوارزمية يستحضرهم لحصار دمشق ، وكانوا قد أخذوا بلاد الروم من ملكها ابن علاء الدين (١) الذي مات من عضة السبع لما لعب به ، وكان قليل العقل يلعب بالكلاب والسباع ، ويسلطها على الناس ، فاتفق أنه عضه سبع فمات فتغلبوا حينئذ على البلاد ، وفي سنة اثنتين وأربعين توفي الملك المغيث عمر ابن الصالح أيوب كان الصالح اسماعيل عم أبيه قد أسره وسجنه في برج قلعة دمشق حين أخذها في غيبة الصالح أيوب أبيه ، فاجتهد أبوه بكل ممكن بخلاصه فلم يقدر ، وعارضه فيه أمين الدولة غزال المسلماني المذكور ، وهو واقف المدرسة الأمينية ببعلبك ، فلم يزل محبوسا بالقلعة من سنة ثمان وثلاثين إلى ليلة الجمعة ثاني عشر شهر ربيع الآخر من هذه السنة ، فأصبح ميتا في محبسه غما وحزنا ، ويقال إنه قتل والله سبحانه وتعالى أعلم ، وكان من خيار الملوك ، ومن أحسنهم شكلا ، وأكملهم عقلا ، ودفن عند جده الكامل في تربته شمالي الجامع ، فاشتد حنق أبيه الصالح أيوب سلطان مصر على الصالح صاحب دمشق ، وفي سنة ثلاث وأربعين وستمائة بعث الصالح أيوب الخوارزمية ومعهم ملكهم بركات خان في صحبته معين الدين ابن الشيخ ، فأحاطوا بدمشق يحاصرون عمه الصالح اسماعيل
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٠٩.