وأنشأ قبة النسر والقناطر ، وحلاه بالذهب والجواهر وأستار الحرير ، وبقي العمل فيه تسع سنين ، حتى قيل كان يعمل فيه اثنا عشر ألف مرخم ، وغرم عليه من الدنانير المصرية زنة مائة قنطار وأربعة وأربعين قنطارا بالدمشقي ، حتى صيره نزهة الدنيا ، وأمر نائبه على المدينة المنورة ببناء مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم وتوسيعه وزخرفته ، ففعل ، وهو ابن عمه عمر بن عبد العزيز رضياللهعنه. أه.
وقال العز بن شداد : أخبرني احمد بن عبد الكريم المعروف بابن الخلال الحمصي انه وقف على كتاب ألف للوزير الأكرم وفيه انه قال بحضرة أبي العلاء المعري (١) إن حائط جامع دمشق الشرقي أمر الوليد ان لا يبنى إلا على جبل ، فحفر أسّه فوجد حائط فانتهى إليه ، فأمر ان يحفر امام الحائط فحفر فوجد في الحائط باب ، ففتح فوجد خلفه صخرة عليها كتابة ، فحملت إلى بين يدي الوليد ، فأمر بغسلها ، ونقل ما عليها من الكتابة فكان عليها : لما كان العالم محدثا ، ثبت أن له محدثا أحدثه ، وصانعا صنعه ، فبنى هذا الهيكل لمضي ثلاثة آلاف وسبعمائة سنة لأهل الأسطوان ، فإن رأى الداخل إليه أن يذكر بانيه عند باريه بخير فعل والسلام فقيل لأبي العلاء من أهل الاسطوان؟ فقال : لا أعرف وأنشد :
سيسأل قوم ما الحجيج وما منى |
|
كما قال قوم من جديس ومن طسم |
ورؤي وقريء على حجر في المئذنة الشرقية كتابة باليونانية ، ففسرت بالعربية فإذا عليه مكتوب : لما كان العالم محدثا ، والحدث داخل عليه ، وجب ان يكون له محدث ، وكانت الضرورة تعود إلى التعبد لمحدثه ، لا كما يقول ذو اللحيين وذو اللسنين وأشباههما ، فلما دعت الضرورة إلى عبادة هذا الخالق المحدث بالحقيقة ، تجرد لإنشاء البيت وتولى النفقة عليه محب الخير وتقربا إلى منشئ العالم ومبدئه ، وإيثارا لما عنده ، وذلك في سنة ثلثمائة وألفين لأصحاب الاسطوان فليذكر كل من دخل هذا البيت للصلاة فيه العاني به ، وقال ابن عساكر في تاريخه : وأخبرني
__________________
(١) شذرات الذهب ٣ : ٢٨٠.