بعد موت الملك العادل ، فعمل فيه الشيخ علم الدين السخاوي (١) مقامة يمدحه فيها ويبالغ في شكره ، وقد ذكر أنه متواضعا يحب الفقهاء ، ويسلم على الناس اذا اجتاز بهم وهو راكب في أبهة وزارته ، ثم إنه نكب في هذه السنة ، وذلك أن الملك الكامل وهو الذي كان سبب طرده وإبعاده ، كتب الى أخيه الملك المعظم فيه ، فاحتاط على أمواله وحواصله ، وعزل ابنه عن نظر الدواوين ، وكان ينوب عن أبيه في مدة غيبته. قال ابن كثير : وعمل أشياء في أيام وزارته للملك العادل منها : تبليط جامع دمشق ، واحاطة سور المصلى ، وعمل الفوارة ومسجدها وعمر جامع المزة انتهى. قال المنذري : وكان مؤثرا للعلماء والصالحين كثير البر بهم ، والتفقد لهم ، لا يشغله ما هو فيه من كثرة الاشغال عن مجالستهم ومباحثتهم ، وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة. وقال أبو شامة : وكان خليقا بالوزارة ، لم يتولها مثله ، وصنف كتابا سماه البصائر نوّر فيه على الاوائل والاواخر ، وفي آخر أمره فوض إليه الملك الكامل الامور على عادته في أيام وزارته فتوفي على حرمته كذا ذكره الذهبي. وقال ابن كثير : وبقي معزولا من سنة خمس عشرة الى أن توفي في نصف شعبان منها ، ودفن بتربته عند مدرسته بمصر ، ومنهم من يقول كان مشكور السيرة ، ومنهم من يقول : كان ظالما ، وذكره الموفق عبد اللطيف وبالغ في ثلبه ، انتهى ملخصا. ثم قال الأسدي فيه في سنة ثلاث عشرة وستمائة : عبد الوهاب بن عبد الله بن علي الوزير جمال الدين أبو محمد ابن الصاحب الوزير صفي الدين بن شكر ، سمع من حنبل وابن طبرزد وجماعة ، ووزر للملك المعظم عيسى ، وكان كثير الصدقات ، توفي في ربيع الآخر شابا انتهى.
قال كاتبه خويدم الطلبة والفقراء أبو زكريا يحيى بن النعيمي مؤلف هذا الكتاب تغمده الله برحمته : قد خرب هذا الجامع الصفي ، وبطلت الصلوات فيه من مدة سنين إلى أن أمر مولانا السلطان سليمان بن عثمان بعمارة جامعه والتكية مكان قصر الملك الظاهر ، أخذت آلات جامع الصفي الى ذلك ، وكذلك آلات
__________________
(١) شذرات الذهب ٥ : ٢٢٢.