شيئا له مثل ، والله لا مثل له» إلى أن قال : «والبعث حقّ ، وإنّي مذنب أرجو وأخاف ، فإذا متّ فوجّهوني وليصلّ عليّ أقربكم منّي نسبا ، وليكبّر خمسا».
وذكر وصايا من هذا النّوع ، إلى أن قال : «فرحم الله عبدا اتّعظ وفكّر فيما حتّم الله على جميع خلقه من الفناء ، وقضى عليهم من الموت الّذي لا بدّ منه. فالحمد لله الّذي توحّد بالبقاء. ثم لينظر المرء ما كنت فيه من عزّ الخلاقة ، هل أغنى عنّي شيئا إذا جاء أمر الله؟ لا والله. ولكن أضعف به عليّ الحسنات. فيا ليت عبد الله بن هارون لم يكن بشرا ، بل ليته لم يكن شيئا.
يا أبا إسحاق ادن منّي واتّعظ بما ترى ، وخذ بسيرة أخيك في القرآن ، واعمل في الخلافة إذ طوّقكها الله تعالى عمل المريد لله ، الخائف من عقابه ، ولا تغترّ بالله وتمهيله ، فكأن قد نزل بك الموت. ولا تغفل عن أمر الرعيّة ، الرعيّة الرعيّة ، العوامّ العوامّ ، فإنّ الملك بهم ، الله الله فيهم وفي غيرهم.
يا أبا إسحاق عليك عهد الله ، لتقومنّ بحقّ الله في عباده ، ولتؤثرنّ طاعة الله على معصيته.
قال : اللهمّ نعم.
قال : فانظر من كنت تسمعني أقدّمه فأضعف له في التقدمة. وعبد الله بن طاهر أقرّه على عمله ، وقد عرفت بلاءه وغناءه.
وأبو عبد الله بن أبي دؤاد لا يفارقك ، وأشركه في المشورة في كل أمرك ، ولا تتّخذنّ بعدي وزيرا ، فقد علمت ما نكبني به يحيى بن أكثم في معاملة الناس ، وخبث سريرته حتّى أبعدته. هؤلاء بنو عمّك من ذريّة أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه أحسن صحبتهم ، وتجاوز عن مسيئهم ، وأعطهم الصّلات (١).
ثم توفّي في رجب ، ودفن بطرسوس (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ / ٦٤٧ ـ ٦٥٠ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٢٩ ـ ٤٣١ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٤٣٧ ، ٤٣٨.
(٢) انظر عن وفاة المأمون ، في :
تاريخ خليفة ٤٧٥ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٢٠٢ ، وبغداد لابن طيفور ١٩١ ، وتاريخ اليعقوبي =