فاحملهم موثّقين إلى عسكر أمير المؤمنين ليسألهم. فإن لم يرجعوا حملهم على السيف (١).
قال : فأجابوا كلّهم عند ذلك ، إلّا أحمد بن حنبل ، وسجّادة ، ومحمد بن نوح ، والقواريريّ. فأمر بهم إسحاق فقيّدوا ، ثم سألهم من الغد وهم في القيود فأجاب سجّادة. ثم عاودهم ثالثا فأجاب القواريريّ ؛ ووجّه بأحمد بن حنبل ، ومحمد بن نوح المضروب إلى طرسوس. ثم بلغ المأمون أنّهم إنّما أجابوا مكرهين ، فغضب وأمر بإحضارهم إليه. فلما صاروا إلى الرّقّة بلغتهم وفاة المأمون. وكذا جاء الخبر بموت المأمون إلى أحمد (٢). ولطف الله تعالى وفرج.
وأمّا محمد بن نوح فكان عديلا لأحمد بن حنبل في المحمل ، فمات.
فوليه أحمد بالرّحبة وصلّى عليه ودفنه ، رحمهالله تعالى.
[وفاة المأمون]
وأمّا المأمون فمرض بالروم ، فلما اشتدّ مرضه طلب ابنه العبّاس ليقدم عليه ، وهو يظنّ أنّه لا يدركه ، فأتاه وهو مجهود ، وقد نفذت الكتب إلى البلدان ، فيها : من عبد الله المأمون وأخيه أبي إسحاق الخليفة من بعده ، بهذا النّصّ.
فقيل إنّ ذلك وقّع بأمر المأمون.
وقيل : بل كتبوا ذلك وقت غشي أصابه ، فأقام العبّاس عنده أيّاما حتّى مات (٣).
[ذكر وصيّة المأمون]
«هذا ما أشهد عليه عبد الله بن هارون أمير المؤمنين أنّ الله وحده لا شريك له في ملكه ، وأنّه خالق وما سواه مخلوق. ولا يخلو القرآن من أن يكون
__________________
(١) انظر نصّ الكتاب كاملا في : تاريخ الطبري ٨ / ٦٤٠ ـ ٦٤٤.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٦٤٤ ، ٦٤٥ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٧٧ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٢٦ ، ٤٢٧ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٣٦ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٣ ، ٢٧٤ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٢٢ ، تاريخ الخلفاء ٣١١ ، ٣١٢.
(٣) تاريخ الطبري ٨ / ٦٤٥ ـ ٦٤٧ ، تاريخ الخلفاء ٣١٣.