فاشترى أرضها من رهبان لهم دير هناك. وقد كان الرشيد ينزل بالقاطول لطيبه. واستخلف المعتصم على بغداد ولده الواثق (١).
[غضب المعتصم على وزيره الفضل]
وفيها غضب المعتصم على وزيره الفضل بن مروان وصادره ، وأخذ منه أموالا عظيمة تفوق الوصف ، حتّى قيل إنّه أخذ منه عشرة آلاف ألف دينار ، واستأصله وأهل بيته ونفاه إلى السّنّ (٢) ، قرية بطريق الموصل (٣).
ووليّ بعده الوزارة محمد بن عبد الملك الزّيّات.
[عناية المعتصم باقتناء التّرك]
واعتنى المعتصم باقتناء التّرك ، فبعث إلى سمرقند وفرغانة والنّواحي في شرائهم ، وبذل فيهم الأموال ، وألبسهم أنواع الدّيباج ومناطق الذهب. فكانوا يطردون خيلهم ببغداد ويؤذون النّاس. فربّما ثار أهل البلد بالتركيّ فقتلوه عند صدمه للمرأة والشيخ (٤). فعزم المعتصم على التحوّل من بغداد وتنقل على دجلة ، والقاطول هو نهر منها ، فانتهى إلى موضع سامرّاء ، وفي مكانها دير عال لرهبان. فرأى فضاء واسعا جدّا وهواء طيّبا فاستمرأه ، وتصيّد ثلاثا فوجد نفسه تطلب أكثر من أكله ، فعلم أنّ ذلك لتأثير الهواء والتّربة والماء. فاشترى من أهل الدّير أرضهم بأربعة آلاف دينار ، وأسّس قصره بالوزيريّة التي ينسب إليها التّين الوزيريّ العديم النظير في الحسن. وجمع عليها الفعلة والصّنّاع من الممالك. ونقل إليها أنواع الأشجار والغروس ، واختطّت الخطط والدّروب ، وجدّوا في
__________________
= الرشيد أول من حفر هذا النهر ... وفوق هذا القاطول القاطول الكسروي حفره كسرى أنوشروان العادل يأخذ من جانب دجلة في الجانب الشرقي أيضا. (معجم البلدان ٤ / ٢٩٧).
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٢ ، ٤٧٣ ، تاريخ الطبري ٩ / ١٧ ، العيون والحدائق ٣ / ٣٨١ ، مروج الذهب ٤ / ٥٣ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٥١ ، خلاصة الذهب ٢٢١ ، مآثر الإنافة ١ / ٢٢٠ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٣٤ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٤٥ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٨٣.
(٢) السّنّ : بكسر أوله ، وتشديد نونه ، يقال لها سنّ بارما. مدينة على دجلة فوق تكريت لها سور وجامع كبير وفي أهلها علماء وفيها كنائس وبيع للنصارى ، وعند السّنّ مصبّ الزّاب الأسفل. (معجم البلدان ٣ / ٢٦٨ ، ٢٦٩).
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٧٢ ، تاريخ الطبري ٩ / ١٨ ـ ٢٠ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٤٥٣.
(٤) العيون والحدائق ٣ / ٣٨١.