ورأيتم ذاك اللواء وتحته الرس |
|
ل الكرام وعسكر القرآن |
أصحاب بدر والألى قد بايعوا |
|
أزكى البرية بيعة الرضوان |
وكذا المهاجرة الألى سبقوا كذا ال |
|
أنصار أهل الدار والإيمان |
والتابعون لهم بإحسان وسا |
|
لك هديهم أبدا بكل زمان |
الشرح : وهذه الهجرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يستطيع قطع مسافتها وبلوغ غايتها إلا من جرد لها ركائب عزمه وتوجه إليها بكل همه ولم يلتفت إلى شيء مما يعوقه في سيره من تقليد لمذهب أو تعصب لرأي أو استحسان لبدعة ، ولكن مسافتها تطول وتطول جدا على من خصهم الله بالحرمان والخذلان ، فصرف قلوبهم عنها ، وكره انبعاثهم إليها ، فثبطهم وقال اقعدوا مع القاعدين ، فهي هجرة لا ينالها أبدا كسلان ، ولا يقوى عليها كل رعديد الفؤاد جبان ، وهي هجرة لا تحتاج أن تعد لها زادا وراحلة ، وتضرب في بيد الأرض وقفارها ، بل قد يقوم بها العبد وهو نائم على فراشه ، ويسبق في مضمارها الساعين إلى منازل الرحمة والرضوان ، الذين يغذون السير جاهدين ، تخب بهم مطاياهم ، وأما هو فيسير سيرا لينا رفيقا ، ولكنك تراه مع ذلك قد سبق الركب وسار أمامهم كأنه الجبل العظيم يراه من في القاع تحته ، وإنما هيأ له السبق في المضمار أنه نشرت له أعلام النصوص ، وفي رءوسها أوقدت نيران ، هي النور المبين لهداية السالك الحيران ، ولكن لا يراها إلا من كانت له عينان بمراود الوحي مكتحلتان ، لا بمراود أهل الفشر والهذيان ، فلما رآها هرع نحوها وجرد السعي إليها ، فلم يلتفت عنها يمينا ولا شمالا حتى بلغها وأدرك عندها بغيته وحقق أمله.
فيا أيها المخذولون المحرومون لو كنتم معنا في هذه الهجرة لرأيتم أعلام طيبة بأعينكم قائمة منصوبة تهدى الضال وترشد الحيران ، ولرأيتم ذاك اللواء العظيم بيد رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحته كل عبد لله صالح من الأنبياء والرسل الكرام ، وأصحاب محمد الذين هم عسكر القرآن وجند الإسلام من أصحاب بدر الكبرى وأهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة أزكى الخليقة وأطهرها عليه