الشرح : فاذا ادعيتم أن في اثبات صفات الكمال له سبحانه ما يقتضي لحوق نقص به ، فتلك دعوى مجردة من الدليل ، بل هي محض البهت والمكابرة فليس في ذلك شائبة نقصان أصلا ، لأن النقص مرجعه الى أمرين اثنين : أما سلب الكمال الواجب له ، واما نسبة الشريك إليه ، وأما أن يعد ثبوت أوصاف الكمال له نقصا فذلك مما لا يسانده عقل ولا يشهد له نقل ، بل العكس هو الصحيح وهو أن الكمال انما يكون بكثرة الصفات الوجودية لا في سلبها ، فسلبها هو النقص ، اذ الكمال وجود والنقص عدم ، فمن فقد صفة من صفات الكمال يكون قد لحقه من النقص بقدر ما فقد من تلك الصفة ، لأنه حينئذ يكون متصفا بضدها ، وضد الكمال النقص. فاذا كان العلم صفة كمال فسلبه وهو الجهل يكون نقصا ، وكذلك الظلم نقص لأنه سلب لصفة الكمال التي هي العدل والاحسان ، وهكذا في جميع صفات الكمال من القدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام وغيرها ، يكون سلبها نقصا ، فالمتنقص للرحمن جل جلاله هو الذي يسلبه أوصاف الكمال الثابتة له ، تعالى الله عما يقوله المعطلة النافون لكماله. وأما المثنى عليه فهو الذي يذكره بأوصاف الكمال التي أثنى على نفسه بها ، وأعلم خلقه أنه موصوف بها ، ويحمده عليها ويمجده في كل وقت وحين. ولذلك كان أعلم خلقه به سبحانه هو أكثرهم علما بصفاته ، وهو محمد صلىاللهعليهوسلم وله مع ذلك من الصفات ما لا يحصيه أحد من خلقه ، كما قال الرسول صلىاللهعليهوسلم «سبحانك لا نحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» ولذلك ورد في حديث الشفاعة |