التقوى والإيمان ، فهما ثمنها الذي لا تنال إلا به من دون سائر الأثمان ، ولكنها سلعة بائرة عند الأخساء من أهل الكفر والفجور والعصيان.
فيا سلعة الرحمن أين مشتريك ، فقد عرضك مولاك بأيسر الأثمان ، ولكنه ليس يسيرا إلا على كل موفق ذي ثقة ، ولا يستطيعه أهل الخيبة والخذلان. وأين خطابك الذين يقدمون لك المهر في حال الحياة ، فإنه قبل الموت ذو إمكان. وكيف سلو هؤلاء الخطاب واصطبارهم عنك إذا كانوا بك ذوي إيمان ، فو الله لو لا أنك حففت بالمكاره والشدائد لما تخلف عنك إنسان ولتعطلت النار التي هي دار الجزاء الثاني وخلت من السكان ، ولكن الله حجبك بكل كريهة حتى لا يطيقك إلا كل مشمر مقدام غير متوان ولا جبان ، وحتى يعرض عنك كل مبطل كسلان. وهل ينالك في علاك إلا كل عالي الهمة غير مخلد إلى الأرض والحطام الفاني ، بل ساعيا إلى ربه بمشيئة الرحمن.
* * *
فاتعب ليوم معادك الأدنى تجد |
|
راحاته يوم المعاد الثاني |
وإذا أبت ذا الشأن نفسك فات |
|
همها ثم راجع مطلع الإيمان |
فإذا رأيت الليل بعد وصبحه |
|
ما انشق عنه عمودة لأذان |
والناس قد صلوا صلاة الصبح وان |
|
تظروا طلوع الشمس قرب زمان |
فاعلم بأن العين قد عميت فنا |
|
شد ربك المعروف بالإحسان |
واسأله إيمانا يباشر قلبك ال |
|
محجوب عنه لتنظر العينان |
واسأله نورا هاديا يهديك في |
|
طرق المسير إليه كل أوان |
والله ما خوفي الذنوب فانها |
|
لعلى طريق العفو والغفران |
لكنما أخشى انسلاخ القلب من |
|
تحكيم هذا الوحي والقرآن |
ورضا بآراء الرجال وخرصها |
|
لا كان ذاك بمنة الرحمن |
الشرح : وإذا كانت الجنة لا ينالها إلا من شمر لها وسعى لها سعيها وجد في طلبها ، فكن ممن يؤثر الآجلة على العاجلة ويتحمل كل ما يصادفه في سيره إلى