قد باع طيب العيش في دار النعي |
|
م بذا الحطام المضمحل الفاني |
اني أظنك لا تصدق كونه |
|
بالقرب بل ظن بلا ايقان |
بل قد سمعت الناس قالوا جنة |
|
أيضا ونار بل لهم قولان |
والوقف مذهبك الذي تختاره |
|
واذا انتهى الإيمان للرجحان |
أم تؤثر الأدنى عليه وقالت الن |
|
فس التي استعلت على الشيطان |
أتبيع نقدا حاصلا بنسيئة |
|
بعد الممات وطي ذي الأكوان |
لو انه بنسيئة الدنيا لها |
|
ن الأمر لكن في معاد ثان |
دع ما سمعت الناس قالوه وخذ |
|
ما قد رأيت مشاهدا بعيان |
الشرح : يعرض المؤلف في هذه الأبيات الأولى بخصومه الذين أعرضوا عن حكم الوحي ورضوا بالتقليد والتبعية الذليلة وعزلوا نصوص الوحي عما أريد بها من الإرشاد والبيان عزلا حقيقيا صرحوا به بلا حياء ولا كتمان ، وقالوا أنها ظواهر لفظية لا يستفاد منها الإيقان ، وهي خطابيات لم تسم إلى درجة البرهان فأوسعوها هجرا وتعطيلا ، وساموها تحريفا وتأويلا ، وتفويضا وتجهيلا بلا بينة ولا برهان ، ولم يكتفوا بذلك الجرم الشنيع ولا بالجناية على النصوص ، بل سعوا كذلك جهدهم في عقوبة أهلها المتمسكين بها الذين ربئوا بأنفسهم عن مهانة التقليد ولم يقبلوا وقد خلقهم الله أحرارا أن يكونوا من جملة العبيد.
ثم يلتفت بعد ذلك إلى أهل الغرور والغفلة الذين مد لهم الشيطان في حبل الأماني والأمان ، فأذهلهم عما يراد بهم وعن قافلة الحياة التي تسير بهم فتطوى أعمارهم طيا وتدنيهم من نهايتهم ، ترى الواحد منهم يمشي بين الناس جذلان ضاحكا ملء شدقيه متبخترا في حلله مزهوا بنفسه كأنه قد أمن العاقبة واتخذ عند الله عهدا أن لا يعذبه ، وتراه دائما مفعما بالسرور والنشوة خالي القلب من جميع الهموم والأحزان عاكفا على سروره ولهوه غير مفكر في عاقبة أمره ، كل همه وسعيه إنما هو في هناءة هذا العيش ورغده ، ولو أفضى به إلى جهنم في غده فهو قد باع حظه من نعيم الجنة وصفو سرورها بمتاع هذه الحياة القليل الذي لا يلبث أن يتلاشى ويزول. والظن بهذا الأحمق الغرير أنه لم يصدق بقرب وقوع ما