النفع إليهم. وهو ذو إرادة عامة شاملة يخصص بها كل ممكن ببعض ما يجوز عليه من الأوصاف والأحوال ، وهو ذو حنان ، بمعنى شفقة عظيمة على خلقه ، ورأفة بالغة بهم تقتضي كمال بره وجوده.
وأما قوله : هو أول هو آخر الخ الأبيات ، فهو بيان لمعنى أسمائه الأربعة الواردة في قوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) [الحديد : ٣].
وقد التزم المصنف في تفسيرها ما ورد به الحديث الصحيح من قوله عليه الصلاة والسلام «أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء» ولذا قال : (وذا تفسير ذي البرهان).
وقد سبق أن بينا ضرورة الأخذ بهذا التفسير لهذه الأسماء الأربعة حيث أنه ورد على لسان المعصوم صلوات الله وسلامه عليه ، وهو أعلم الخلق بربه وبمعاني أسمائه. يقول العلامة الشيخ عبد الرحمن آل سعدى غفر الله له : (فتدبر هذه المعاني الجليلة الدالة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلق والإحاطة المطلقة الزمانية في قوله : (الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) والمكانية في (الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ).
فالأول يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن ، ويوجب للعبد أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية ، إذ السبب والمسبب منه تعالى.
والآخر يدل على أنه هو الغاية ، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها ورغبتها ورهبتها وجميع مطالبها.
والظاهر يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات وعلى علوه. والباطن يدل على اطلاعه على السرائر والضمائر والخبايا والخفايا ودقائق الاشياء ، كما يدل على قربه ودنوه ، ولا يتنافى الظاهر والباطن ، لأن الله ليس كمثله شيء في كل النعوت ا ه.
* * *