ينفك عنه لأنه مقتضى ذاته ، وما بالذات لا يمكن أن يزول ، فيمتنع أن يكون إلا غنيا كما يمتنع أن يكون إلا جوادا محسنا برا رحيما كريما.
وكما أن غناه ذاتي له لا يمكن أن يطرأ عليه ما ينافيه من ذل واحتياج ، فكذلك فقر المخلوقات إليه هو فقر ذاتي بحيث لا يمكنها أن تستغني عنه لحظة من اللحظات ، فهي مفتقرة إليه في إيجادها وفي استمرار وجودها ، وفي كل ما تحتاجه أو تضطر إليه.
ومن سعة غناه أن خزائن السموات والأرض كلها بيده ينفق منها ما يشاء ، وأن إنعامه على عباده متصل دائم الفيض لا ينقطع في لحظة من اللحظات ، كما في الحديث «إن يمين الله ملآى سحاء الليل والنهار لا تغيضها نفقة ألا ترون إلى ما أنفق منذ خلق السموات والأرض ، فإنه لم يغض مما بيده».
ومن كمال غناه وكرمه أنه يبسط يده بالإجابة لمن سأله فيقضي حاجته ويكشف ضره ، ولا يتبرم بإلحاح السائلين ، بل يغضب على من لم يسأله ، ويؤتي عباده من فضله ما سألوه وما لم يسألوه. وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني ، فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر».
ومن تمام غناه عن خلقه أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأنه لم يكن له شريك في الملك ولا ولي من الذل ، فهو الغني الذي كمل بنعوته وأوصافه ، وهو المغني لجميع مخلوقاته.
* * *
وهو الحكيم وذاك من أوصافه |
|
نوعان أيضا ما هما عدمان |
حكم وأحكام فكل منهما |
|
نوعان أيضا ثابتا البرهان |
والحكم شرعي وكوني ولا |
|
يتلازمان وما هما سيان |