وأما دعاء المسألة فهو أن يقول العبد : اللهم أعطني كذا أو ادفع عني كذا ، فهذا يقع من الناس كلهم برهم وفاجرهم ، والله يستجيب فيه لمن يشاء لمن يدعوه بحسب ما تقتضيه حكمته لا تختص الإجابة فيه بأهل الإخلاص والتقوى ، فإن إحسانه تعالى عام يشمل البر والفاجر ، ورحمته وسعت كل شيء ، ولهذا كانت الإجابة لمثل هذا الدعاء لا تدل على حسن حال الداعي الذي أجيبت دعوته إن لم يقترن بذلك ما يدل على صدقه وتعين الحق معه ، وذلك كسؤال الأنبياء ودعائهم لقومهم أو على قومهم ، فيجيبهم الله ، فتدل إجابته لهم على صدقهم فيما أخبروا به وكرامتهم على ربهم.
وأما الإجابة الخاصة فلها أسباب عديدة ، منها أن يكون الداعي مضطرا قد وقع في كربة وشدة ، فيدعو الله فيستجيب له ويفرج كربته ، كما قال تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) [النمل : ٦٢](وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) [الإسراء : ٦٧].
وسبب ذلك شدة افتقاره إلى الله وقوة انكساره بين يديه وانقطاع تعلقه بالمخلوقين. ومن أسباب الإجابة أيضا طول السفر والتوسل إلى الله بأحب الوسائل إليه من أسمائه وصفاته. وكذلك دعوة المريض والمظلوم والصائم ، وفي الأوقات والأحوال الشريفة ، مثل إدبار الصلوات وأوقات السحر وعند النداء ونزول المطر واشتداد البأس ونحوه لورود الأحاديث بذلك.
* * *
وهو الجواد فجوده عم الوجو |
|
د جميعه بالفضل والإحسان |
وهو الجواد فلا يخيب سائلا |
|
ولو أنه من أمة الكفران |
الشرح : الجواد المتصف بالجود ، وهو كثرة الفضل والإحسان ، وجوده تعالى أيضا نوعان ، جود مطلق عم الكائنات جميعا لم يخل عنه موجود من الموجودات ، فكلها قد عمها فضله وإحسانه.