قبره الشريف ، وفيما يلي نذكر بعض تلك النماذج :
روى سفيان بن عنبر عن العتبي ـ وكلاهما من مشايخ الشافعي وأساتذته ـ أنّه قال : كنتُ جالساً عند قبر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فجاء أعرابي فقال :
«السَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ الله ، سَمِعْتُ الله يَقُولُ : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) وقدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِراً مِنْ ذَنْبي ، مُسْتَشْفِعاً بِكَ إِلى رَبِّي».
ثمّ بكى وأنشأ يقول :
يا خيرَ من دُفنت في القاع أعظمُهُ |
|
فطاب من طيبهنّ القاع والأكُمُ |
نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنُه |
|
فيه العفافُ وفيه الجودُ والكَرمُ |
ثمّ استغفر وانصرف. (١)
ويروي أبو سعيد السمعاني عن الإمام عليّ بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ أنّ أعرابياً جاء بعد ثلاثة أيام من دفن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فرمى بنفسه على القبر الشريف وحثا من ترابه على رأسه وقال : «يا رسول الله قلت فسمعنا قولك ، ووعيتَ عن الله ما وعينا عنك ، وكان فيما أنزله عليك : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ...) وقد ظلمتُ نفسي وجئتك تستغفر لي إلى ربّي». (٢)
إنّ كلّ هذا يدلّ على أنّ المنزلة الرفيعة الّتي منحها الله تعالى لحبيبه
__________________
(١) وفاء الوفا : ٤ / ١٣٦١ ؛ الدر السّنيّة لأحمد دحلان : ٢١.
(٢) الجوهر المنظَّم : لابن حجر ، وذكره السمهودي في وفاء الوفا : ٢ / ٦١٢ ، وزيني دحلان في الدرر السّنيّة : ٢١.