«لا تُشَدُّ الرحال إلّا إلى ثَلاثة مَساجِدَ : مَسْجِدي هذا وَمَسْجِدِ الْحَرامِ وَمَسْجد الأقصى».
وروي هذا الحديث بصورة أُخرى ، وهي :
«إنّما يُسافَرُ إِلى ثَلاثَةِ مَساجِدَ : مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ وَمَسْجِدي وَمَسْجِدِ إيليا».
وروي أيضاً بصورة ثالثة ، وهي :
«تُشَدُّ الرِّحال إلى ثَلاثةِ مَساجِدَ ...». (١)
لا شكّ في وجود هذا الحديث في الصحاح ، ولسنا الآن في مقام مناقشة الحديث ، لكون أبي هريرة في طريقه ، بل مقصودنا هو مفاد الحديث.
ولنفرض أنّ نصّ الحديث هو : «لا تُشَدُّ الرحال إِلّا إِلى ثَلاثَةِ مَساجِدَ ...» فمن الثابت أنّ «إلّا» هي أداة استثناء ولا بدّ من وجود المستثنى منه ، ويجب تحديده ، وبما أنّه مفقود في النصّ فلا بدّ من تقديره في الكلام ، وقبل الإشارة إلى القرائن الموجودة يمكن تقدير المستثنى منه في صورتين :
١. لا تُشَدُّ إِلى مَسْجِدٍ مِنَ الْمَساجِد إِلّا ثَلاثة مَساجِد ...
٢. لا تُشَدُّ إِلى مَكان من الأمكنَةِ إِلّا ثَلاثَة مَساجد ...
إنّ فهم الحديث والوقوف على معناه يتوقّف على ثبوت أحد هذين التقديرين ، فإن اخترنا التقدير الأوّل كان معنى الحديث عدم شدّ الرحال إلى أيّ مسجد من المساجد سوى المساجد الثلاثة ، ولا يعني عدم جواز شدّ الرحال إلى أيّ مكان حتّى لو لم يكن مسجداً.
__________________
(١) أورد مسلم هذه الأحاديث الثلاثة في صحيحه : ٤ / ١٢٦ ، كتاب الحجّ ، باب لا تشدّ الرحال ؛ وذكره أبو داود في سننه : ١ / ٤٦٩ ، كتاب الحجّ ؛ وكذلك النسائي في سننه المطبوع مع شرح السيوطي : ٢ / ٣٧ ـ ٣٨.