الله وطلب العلم وصلة الرحم وزيارة الوالدين وما شابه ذلك. فمن ذلك قوله تعالى :
(... فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ). (١)
ولهذا فقد فسّر كبار الباحثين والمحقّقين الحديث المذكور بما أشرنا إليه ، فمثلاً يقول الغزالي ـ في كتاب إحياء العلوم ـ :
«القسم الثاني وهو أن يسافر لأجل العبادة إمّا لحجّ أو جهاد ... ويدخل في جملته : زيارة قبور الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء ، وكلّ من يُتبرّك بمشاهدته في حياته يُتبرّك بزيارته بعد وفاته ، ويجوز شدّ الرحال لهذا الغرض ، ولا يمنع من هذا قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا تُشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى» لأنّ ذلك في المساجد ، فانّها متماثلة (في الفضيلة) بعد هذه المساجد ، وإلّا فلا فرق بين زيارة قبور الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل ، وإن كان يتفاوت في الدرجات تفاوتاً عظيماً بحسب اختلاف درجاتهم عند الله». (٢)
وعلى ضوء هذا فالمنهيّ عنه ـ في هذا الحديث ـ هو شدّ الرحال إلى غير المساجد الثلاثة ، من المساجد الأُخرى ، ولا علاقة له بالسفر للزيارة أو لأهداف معنويّة أُخرى.
وفي الختام لا بدّ من الإشارة إلى أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عند ما قال : «لا تُشدّ الرحال إلّا
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.
(٢) كتاب إحياء علوم الدين للغزالي : ٢ / ٢٤٧ ، كتاب آداب السفر ، طبعة دار المعرفة بيروت ؛ الفتاوى الكبرى : ٢ / ٢٤.