إنّ المقياس هو النيّة القلبيّة ، ولا يصحّ التسرُّع في الحُكم وإصدار الفتوى لمجرّد عملٍ ظاهري.
إنّ كلّ من ينذر لأحد أولياء الله ، إنّما يقصد ـ في قلبه ـ النذر لله وإهداء الثواب لذلك الوليّ الصالح ، ليس إلّا.
ومن حسن الحظّ أنّ العلماء والمفكّرين ـ من الشيعة والسُّنّة ـ قد تصدّوا لأباطيل ابن تيميّة ونظائره.
فهذا الخالدي يردّ على ابن تيميّة ويقول :
«إنّ المسألة تدور مدار نيّات الناذرين ، وإنّما الأعمال بالنيّات ، فإن كان قصد الناذر ، الميّتَ نفسه والتقرّبَ إليه بذلك لم يجز ، قولاً واحداً ، وإن كان قصده وجه الله تعالى وانتفاع الأحياء ـ بوجهٍ من الوجوه ـ به وإهداء ثوابه للمنذور له ـ سواء عيّن وجهاً من وجوه الانتفاع ، أو أطلق القول فيه وكان هناك ما يطّرد الصرف فيه في عُرف الناس ، أو أقرباء الميّت ، أو نحو ذلك ـ ففي هذه الصورة يجب الوفاء بالنذور». (١)
ثمّ ذكر ما صرّح به علماء عصره ومن قارب عصره حول هذه المسألة.
وقال العزامي ـ في كتاب فرقان القرآن ـ :
«... ومَن استخبر حال من يفعل ذلك من المسلمين ، وجدهم لا يقصدون بذبائحهم ونذورهم للأموات ـ من الأنبياء والأولياء ـ إلّا الصدقة عنهم وجعل ثوابها إليهم ، وقد علموا أنّ إجماع أهل السُّنّة منعقد على أنّ صدقة الأحياء نافعة للأموات ، واصلة إليهم ، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة.
فمنها : ما صحّ عن سعد أنّه سأل النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ «قال : يا نبيّ الله إنّ أُمّي قد
__________________
(١) صلح الإخوان : ١٠٢ وما بعده.