بين كلمتي «العبادة» و «التعظيم» وذكرهما بازاء الآخر ، ظنّاً منه أنّ المعنى فيهما واحد.
وإنّنا سوف نتحدّث عن العبادة ومفهومها ـ في فصلٍ خاص (١) ـ وسنبرهن على أنّ كلّ تكريم وتعظيم لأولياء الله ليس عبادة لهم أبداً. والحديث الآن حول جواز تكريم مواليد الأولياء ووفياتهم ، على ضوء القرآن الكريم.
ممّا لا شكّ فيه أنّ القرآن الحكيم ذكر جمعاً من الأنبياء والأولياء بكلمات المدح والثناء والتجليل والاحترام فمثلاً :
١. يقول بالنسبة إلى النبيّ زكريا ويحيى وغيرهما :
(... إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ). (٢)
فإذا أُقيم حفل تكريمي لهؤلاء الأنبياء ووقف خطيب يتحدّث عنهم بمثل ما جاء في القرآن الكريم من كلمات المدح والثناء لهم ، وذكرهم بالتجليل والاحترام ، ... فهل ارتكب خطيئة بذلك ، سوى أنّه اقتدى بالقرآن الكريم؟!
٢. ويقول بالنسبة إلى أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ :
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً). (٣)
فإذا اجتمع شيعة الإمام عليّ أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ في يوم ميلاده الشريف ، وقال خطيبهم : إنّ هذا الإمام هو من أُولئك الّذين قدّموا طعامهم للمسكين واليتيم والأسير ، فهل هذا يعني أنّهم عبدوه؟!
وهكذا الحال بالنسبة إلى ميلاد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فإذا أقمنا احتفالاً عظيماً يوم
__________________
(١) انظر الفصل الحادي عشر من فصول هذا الكتاب.
(٢) الأنبياء : ٩٠.
(٣) الإنسان : ٨.