(... وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا ...). (١)
والرؤيا الّتي أشار إليها يوسف ـ في الآية ـ هي في قوله تعالى :
(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ). (٢)
٣. إنّ كلّ المسلمين اقتداءً برسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يُقبّلون الحجر الأسود المستقرّ في زاوية الكعبة المشرَّفة ويتبرّكون به ، ونفس هذا العمل يقوم به عُبّاد الأصنام تجاه أصنامهم ، مع العلم أنّ عملهم ذلك شرك قطعاً وعمل المسلمين توحيد قطعاً.
إذن ليس معنى «العبادة» نهاية الخضوع والتذلُّل ، وإن كانت في الحقيقة من أركان العبادة إلّا أنّها ليست الركن الوحيد لها ، فلا بدّ من القول بأنّ «العبادة» معناها الخضوع والتذلُّل المقرون ب «الاعتقاد الخاص» فالعبادة تتكوَّن من عنصرين :
١. الخضوع والتذلُّل.
٢. الاعتقاد الخاص.
وهذا «الاعتقاد الخاص» هو الّذي يحسم الموقف ويفصل القضية ... فالخضوع ـ حتّى لو لم يكن كثيراً ـ إذا كان مقروناً «بالاعتقاد الخاص» فهو عبادة.
وفي الحقيقة أنّ «الاعتقاد الخاص» هو الّذي يصبغ العمل بصبغة العبادة ، وبدون «الاعتقاد الخاص» لا تتحقّق العبادة حتّى لو كانت بمظهرها.
والآن ... وبعد أن أثبتنا بطلان التعريفين اللّذين اعتمد عليهما الوهّابيّون ،
__________________
(١) يوسف : ١٠٠.
(٢) يوسف : ٤.