وفي هذه الآية الأخيرة يأمر الله تعالى نبيّه محمّداً ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بالدعاء لهم ، وأنّ دعاءه يبعث السكينة والطمأنينة في قلوبهم.
٢. وأُخرى كان الأنبياء يعدون المذنبين والعاصين بالاستغفار لهم في الفرصة المناسبة ، فمثلاً يقول تعالى :
(... إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ ...). (١)
(... سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا). (٢)
(وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ ...). (٣)
إنّ هذه الآيات الكريمة تدلّ على أنّ الأنبياء كانوا يبشّرون المذنبين بالاستغفار ، حتّى أنّ النبيّ إبراهيم ـ عليهالسلام ـ وَعَدَ «آزر» بالاستغفار له ، ولكنّه لمّا رأى آزر مُصرّاً على عبادة الأصنام تركه ولم يستغفر له ، لأنّ من شروط استجابة الدعاء أن يكون المدعوّ له مؤمناً بالله تعالى.
٣. وثالثة يأمر سبحانه المؤمنين المذنبين بالحضور عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حتّى يستغفر لهم الرسول ، لأنّ الله يغفر لهم ببركة استغفار النبيّ لهم ، يقول سبحانه :
(... وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٤) فأيّة آيةٍ أوضح من هذه الآية الّتي يأمر الله المذنبين ـ من هذه الأُمّة ـ بالحضور عند رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وطلب الاستغفار منه لهم؟!
إنّ المجيء إلى رسول الله وطلب الاستغفار منه له فائدتان :
الأُولى : إنّه يبعث في الإنسان روح الطاعة والانقياد لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وذلك
__________________
(١) الممتحنة : ٤.
(٢) مريم : ٤٧.
(٣) التوبة : ١١٤.
(٤) النساء : ٦٤.