٥. وتشهد بعض الآيات الكريمة أنّ الناس كانوا يدركون ـ بفطرتهم النزيهة ـ بأنّ لدعاء النبي لهم تأثيراً خاصّاً ، وأنّ الله تعالى يستجيب دعاءهم بلا تردّد ، ولهذا كانوا يسألونه الدعاء والاستغفار لهم من الله سبحانه.
إنّ الناس كانوا يستلهمون من فطرتهم السليمة أنّ الفيض الإلهي والرحمة الربّانيّة تُدَرّ عبر دعاء الأنبياء ، كما أنّ هداية الناس وإرشادهم يتمّ عبرهم ، ولهذا كانوا يقصدونهم ويسألون منهم الاستغفار ، كما جاء في القرآن الكريم ـ في قصّة إخوة يوسف بعد أن وقفوا على خطئهم وسوء تصرّفهم بالنسبة إلى أخيهم يوسف ـ قوله تعالى :
(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ * قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). (١)
٦. هناك آيات كريمة يُحذّر فيها الله تعالى نبيّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من الدعاء والاستغفار للمنافقين الذين لا زالوا على عبادة الأصنام ، وذلك لأنّ عبادتهم لغير الله تمنع من مغفرة الله لهم ، حتّى لو استغفر لهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا يدلّ على أنّ استغفار النبيّ نافذ ومؤثّر إلّا لمن يعكف على عبادة الأصنام ، لأنّ عبادة الأصنام مانعة من الاستجابة ، فمثل استغفار النبيّ لهم كمَثَل الماء الزلال الّذي يهطل على الأرض الصلبة المانعة من نفوذ الماء فيها ، يقول تعالى:
(... إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ). (٢)
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ...). (٣)
(وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ
__________________
(١) يوسف : ٩٧ ـ ٩٨.
(٢) التوبة : ٨٠.
(٣) المنافقون : ٦.