من غير الله ، إذ ليس مقياس أفعال الله هو خروجه عن إطار القوانين الطبيعية ، حتّى يكون هذا الطلب طلب فعل الله من عبده ، كلّا ... بل إنّ مقياس أفعال الله هو أن يكون فاعله مستقلاً في إنجازه.
أمّا لو كان فاعله يُنجّز ذلك الفعل بالاعتماد على قدرة الله تعالى فإنّ الطلب منه ليس طلب فعل الله من غير الله.
ولا فرق بين أن يكون الفعل عادياً أو غيبياً.
ونفس هذا القول يأتي بالنسبة إلى الاستشفاء من أولياء الله ، فإنّ البعض يُنكرون ذلك ويقولون : إنّ طلب الشفاء خاصّ بالله سبحانه بدليل قوله تعالى :
(وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ). (١)
فكيف يصحُّ أن يقال : يا رسول الله اشفني؟! وهكذا الأمر بالنسبة إلى كلّ عمل خارق للعادة.
والجواب : أنّ الذين يعتقدون هذا الاعتقاد لم يميّزوا ـ ومع الأسف ـ بين الأفعال الإلهيّة والأفعال البشريّة ، ولهذا يتصوّرون بأنّ أيّ فعلٍ يخرج عن مجراه المادّي الطبيعي فهو من أفعال الله ، وأيّ فعلٍ يأخذ مجراه المادّي الطبيعي فهو من أفعال البشر.
إنّ هؤلاء لم يفهموا ـ أو تجاهلوا ـ المقياس المُمَيِّز لأفعال الله عن غيرها ، ولو كان كلّ فعل يخرج عن مجراه الطبيعي يعتبر من أفعال الله لكانت أفعال المرتاضين ـ في الهند ـ أفعالاً إلهيّة ، وكانوا جميعاً «آلهة».
وقد ذكرنا أكثر من مرّة أنّ المقياس ـ في الأفعال الإلهيّة ـ هو الاستقلال في الفعل ، وعدم الاعتماد على أيّة قدرة أُخرى ، والفعل البشري هو عكس ذلك.
__________________
(١) الشعراء : ٨٠.