إنّ الشرك في العبادة معناه عبادة غير الله ، أو اعتبار غيره سبحانه إلهاً أو ربّاً أو مصدراً للأفعال الإلهية.
أمّا في هذا المجال فإنّ المصلّي يتوجّه إلى الله تعالى ولا يطلب شيئاً إلّا منه سبحانه ، فإذا كان هذا العمل حراماً فلا بدّ أن يكون له سبب آخر غير الشرك.
نحن هنا نجلب انتباه الوهّابيّين إلى أنّ القرآن الكريم قد ذكر مقياساً ومَحَكاً للفصل والتمييز بين المشرك ـ في العبادة ـ وبين الموحِّد ، وبهذا المقياس سدّ القرآن الطريق أمام كلّ تفسير بالرأي لمعنى المشرك ، وهذا المقياس هو قوله تعالى :
(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ). (١)
وفي آية أُخرى يصف القرآن المجرمين ـ هم المشركون ـ بقوله :
(إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ). (٢)
إذن : إنّ المشرك ـ وفقاً لهاتين الآيتين ـ هو ذاك الذي يشمئزُّ قلبه إذا ذكر الله الواحد الأحد ، ويفرح إذا ذكرت الآلهة الباطلة ، أو يستكبر عن الاعتراف بوحدانيّة الله سبحانه.
بعد هذا المقياس القرآني نتساءل : هل الّذي يقوم في ظلال الليل ويقضي ساعات في العبادة والمناجاة والدعاء ، ويصلّي بين يدي الله بكلّ إخلاص وخضوع ، ويقسم على الله بمنزلة أوليائه الصالحين ويسأله بعباده المتّقين ... هل أنّ هذا الإنسان يكون مشركاً بعمله هذا؟!
__________________
(١) الزمر : ٤٥.
(٢) الصافّات : ٣٥ ـ ٣٦.