والمُكاتَب الّذي يُريدُ الأداء ، والناكحُ الّذي يُريد التَّعَفُّفَ». (١)
٣. «أَتَدْري ما حَقُّ الْعِبادِ عَلَى اللهِ ...». (٢)
نعم ... من الواضح أنّه ليس لأحدٍ بذاته حقٌّ على الله تعالى ، حتّى لو عبد الله قروناً طويلة ، خاشعاً خاضعاً لله ، لأنّ كلّ ما للعبد فهو من عند الله تعالى ، فلم يبذل العبد شيئاً من نفسه في سبيل الله كي يستحقّ بذاته الثواب.
ونسأل : فما معنى «الحقّ»؟
الجواب : أنّ المقصود من الحقّ في هذه العبارات ـ هو الجزاء والمنزلة الّتي يمنحها الله لعباده مقابل طاعتهم وانقيادهم له سبحانه ، فهو مزيدٌ من التفضُّل والعناية منه تعالى ، ويدلّ على ألطافه وعظمته.
فهذا «الحقّ» الّذي نُقسِم به على الله ، حقٌّ جعله الله ، لا أنّ العبد له حقٌّ على الله ، وقد أُشير إلى هذا المعنى بالذات في بعض الأحاديث الشريفة.
وهذا مثل القرض الّذي يستقرضه الله من عباده في قوله سبحانه :
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً ...). (٣)
إنّ هذه التعهدات الإلهية ـ ومَنْح الحقّ لعباده ـ نابعة من ألطاف الله وعنايته الفائقة بعباده الصالحين حيث يعتبر ذاته المقدّسة مديونة لعباده ، ويعتبر عباده أصحاب الحقّ ، وفي هذا الأمر من الترغيب والتشجيع إلى طاعة الله ما لا يخفى.
__________________
(١) سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٤١.
(٢) النهاية لابن الأثير : مادّة «حق».
(٣) البقرة : ٢٤٥.