أن نُفَسِّر قوله : «مَنْ حَلف بغير الله فقد أشرك» على الحلف بالمشرك وأمثاله ، لا على الحلف بالمقدّسات كالقرآن والكعبة والنبيّ ، بدليل أنّ النبيّ إنّما أعطى هذه القاعدة عند حلف عمر بأبيه المشرك.
فتطبيق هذا الحديث على الأعمّ من المشرك وغيره اجتهادٌ من ابن عمر ، واجتهاده حجّة لنفسه فقط لا لغيره.
وتسأل : لما ذا اعتبر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الحلف بالمشرك شركاً؟
والجواب : لأنّ الحلف به نوع من الإشادة بشخصيّته والتعظيم له والتصديق لدينه الباطل وعقيدته المنحرفة.
والخلاصة : أنّنا نصدّق أصل الحديث ، ولا نصدّق اجتهاد ابن عمر ، نظراً لمخالفته لسُنّة رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وسيرة الصحابة ، فالقاعدة المذكورة في حديث النبيّ الكريم مختصّة بما حلف به عمر ، ولا تعمّ المقدّسات الإسلامية أبداً.
وأمّا الحلف بالكعبة والقرآن والأنبياء والأولياء ـ في غير القضاء والخصومات فهو خارج عن تلك القاعدة العامّة ، وليس شركاً ولا حراماً.
الجواب الثاني
وهنا جواب آخر أوضح من الجواب الأوّل ، وهو أنّ قول النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «من حلفَ بغير الله فقد أشرَكَ» يشير إلى حلفٍ خاصّ وهو الحلف بالأصنام ـ كاللّات والعُزّى ـ فقط ولا يعمّ الإنسان المشرك فضلاً عن المقدّسات.
ويؤيّد هذا الجواب ما رواه النسائي في سُنَنه : إنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال :
«مَنْ حَلَفَ فَقالَ في حلفِهِ : باللّات والعُزّى فليَقُل : لا إِلهَ إِلّا الله». (١)
__________________
(١) سنن النسائى : ٧ / ٨.