أوّلاً : لأنّ لفظة «التسوية» لم تأت ـ في اللغة ـ بمعنى الهدم والتدمير ، ولو كان المقصود به هنا هو ذلك لكان المفروض أن يقال : «ولا قبراً إلّا سوّيته بالأرض» وليس في الحديث إلّا لفظة «سويته» أي سويت القبر.
ثانياً : لو كان المقصود منه هو الهدم ، فلما ذا لم يُصدر أحدٌ من علماء الإسلام الفتوى بذلك؟!
كيف وتسوية القبر بالأرض هي خلاف للسنّة الإسلامية والاستحباب الشرعي ، إذ أنّه يستحب شرعاً أن يكون القبر مرتفعاً عن الأرض ، وقد أفتى جميع فقهاء الإسلام باستحباب ارتفاع القبر عن الأرض شبراً واحداً.
جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة ـ الذي يُطابق فتاوى أئمّة المذاهب الأربعة ـ ما يلي :
«ويندب ارتفاع التراب فوق القبر بقدر شبر». (١)
فإذا كان هذا الاحتمال الأوّل مردوداً ، وجب أن نفسّر الحديث بالاحتمال الآتي.
الاحتمال الثاني : تسطيح القبر مقابل تسنيمه
المراد من تسوية القبر هو جعل سطحه مستوياً ومسطّحاً ، بعكس القبور التي تبنى على شكل ظهر السَّمك وسنام البعير ، وعلى هذا الأساس فإنّ الحديث يعني أن يكون سقف القبر مسطّحاً ومستوياً ، ولا يجوز أن يكون كظهر السَّمك أو مسنَّماً ، كما هي العادة عند بعض أهل السنّة ، وقد أفتى أئمّة المذاهب الأربعة ـ
__________________
(١) الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ٤٢٠.