وقد شرح بعد ذلك هذه الأحوال ليحيى بن اكثم وأبان له أن الأحكام التي تختلف باختلاف هذه الاوضاع ثم ادلى بحكم كل قضية.
قال الطبرسي في إعلام الورى : كان الامام محمد الجواد قد بلغ في وقته من الفضل والعلم والحكم والأدب مع صغر سنه لم يساوه فيها أحد من ذوي الأسنان من السادة وغيرهم ، ولذلك كان المأمون مشغوفا به لما رأى من علو رتبته وعظيم منزلته في الفضائل ، فزوجه المأمون ابنته أم الفضل ، وكان المأمون متوفرا على إعظامه وتوقيره وتبجيله.
قال المفيد : كان الامام بعد علي بن موسى الرضا ابنه محمد بن علي المرتضى بالنص عليه والاشارة من أبيه إليه وتكامل الفضل فيه ، وكان المأمون قد شغف به لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل زمانه.
قال : لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل أبا جعفر محمد بن علي بلغ ذلك العباسيين ، فغلظ عليهم واستكبروه وخافوا أن ينتهي الأمر عنده معه الى ما انتهى إليه مع ابنه الرضا ، فخاضوا في ذلك واجتمع معه أهل بيته الأدنون منه وقالوا : ننشدك الله يا امير المؤمنين أن تقيم على هذا الأمر الذي عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ، فانا نخاف أن تخرج به عنا امرا قد ملكناه الله وتنزع منا عزا قد ألبسناه الله ، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا ، وقد كنا من وهلة عملك مع الرضا ما عملت حتى كفانا الله المهم ، فالله الله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا ، واصرف رأيك عن ابن الرضا واعدل إلى من تراه من اهل بيتك يصلح لذلك دون غيرهم.
فقال لهم المأمون : أما ما كان بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ، ولو انصفتم القوم لكانوا أولى بكم ، وأما ما كان يفعله من